بقلم | محمود علي

حملة شرسة قادتها وسائل الإعلام الإسبانية وتبعتها من بعد ذلك بعض وسائل الإعلام العربية، تعرض لها المدير الفني المخضرم لريال مدريد الإسباني، الإيطالي كارلو آنشيلوتي، منذ بداية الموسم، وذلك لتخليه عن بعض اللاعبين الأساسيين بالفريق أمثال آنخيل دي ماريا وتشابي ألونسو والحارس دييجو لوبيز.

والغريب أن آنشيلوتي لم يسلم منهم حتى في وقت الانتصار، فهم تفرغوا فقط لانتقاده وتصيد الأخطاء له، من أجل مواصلة السير في الطريق الذي اتخذوه لإحداث نوع من الفوضى داخل صفوف الفريق.

والحقيقة أن القائمين على تلك الحملة الممنهجة، والتي لا يخفى على أحد ميلهم علناً للألوان الكتالونية، لم يعطونا سبباً فنياً واحداً مقنعاً لانتقادهم لآنشيلوتي، وغالبيتهم ينتقدون بقناعات وخلفيات مسبقة ودون أسباب واضحة، ويعتقدون أن الإيطالي مجرد "كومبارس" فقط يُنفذ سياسات وفرمانات الرئيس، فلورنتينو بيريز، دون أي فلسفة فنية أو بعد نظر.

هؤلاء الذين تناسوا أن تقييم المدربين أصعب من أن يتناولوه بأحكام نهائية، نظراً لأن معظم آرائهم مبنية في المقام الاول على مجموعة من التكهنات والاجتهادات التي قد لا يُمثل منها الواقع نسبة تزيد عن 30 % على الأكثر، لم يُتحفونا بحلولهم الجهنمية، ويخبرونا ما الذي كان على آنشيلوتي فعله لتفادي البداية المتذبذبة للفريق أو لإحداث استقرار فني للفريق هذا الموسم؟

هل كان عليه أن يُجبر لاعبين لا يرغبوا في البقاء بمواصلة مشوارهم مع النادي رغماً عنهم؟! أم كان عليه أن يرفض التعاقد مع نجمين كبيرين بحجم خاميس رودريجيز وتوني كروس؟ أم أن تخلصه من لوبيز ومنحه الثقة لكاسياس من جديد هو أزمة الملكي هذا الموسم؟!!

صحيح أن رحيل دي ماريا وألونسو أثر بالفعل على أداء الريال في مبارياته الأولى هذا الموسم، لكننا في الوقت ذاته لا يمكننا الجزم ان الفريق كان يُمكن أن يُحقق الأفضل في وجودهما، بدليل أنهما لم يغيرا كثيراً من نتائج فريقيهما مانشستر يونايتد، الذي لايزال يواصل نتائجه الهزيلة في "البريميرليج"، وبايرن ميونيخ الذي يحل وصيفاً لفريق صاعد حديثاً في "البوندسليجا".

فلو افترضنا جدلاً أن آنشيلوتي أبقى على اللاعبين الذين رحلوا عن الفريق، وحقق الفريق نفس النتائج التي تحققت هذا الموسم بحلوها ومرها، هل كانوا هؤلاء سيشيدون به؟ أم أنهم كانوا سيبحثون عن أسباب آخرى لتوجيه سهام نقدهم له!

في ظني الشخصي أن هؤلاء أنفسهم لو حدث ذلك لكانوا أول المطالبين بالاستغناء عن النجوم التي رحلت والبحث عن لاعبين متعطشين للنجاح والبطولات!

في النقد الرياضي والتحليل الفني، البعض يعتبر بعض الآراء حقائق مطلقة لمجرد أنها صادرة عن صحيفة ذات سمعة كبيرة عالمياً أو عن لاعب أو مدرب مخضرم، مع أنها في الأصل مجرد اجتهادات وتكهنات يحاول البعض من خلالها فهم ما يدور بعقل المدرب وقد لا يصل في أحيان كثيرة لليقين من شكوكه، فكيف لنا إذاً أن نُقر بصحتها ونتعامل معها كواقع نبني على إثره استنتاجات عديدة ومتفرعة!