كرونو

كأس العرش
كأس العرش

كأس العرش .. الرمزية والدلالة ..

من إعداد : أحمد اجديرة 

مسابقة تحمل في بلادنا دلالة و رمزية خاصتين و هو ما يجعلها من أهم البطولات الوطنية على الإطلاق والتى يتنافس عليها فرق النخبة بشكل عام، وتكون فرصة ذهبية أمام فرق الهواة لتحقيق المفاجأة والحصول على اللقب، إذ أن نظام المسابقة بخروج المغلوب تعتبر فرصة مهمة أمام أصحاب الفرق البسيطة والتى تعتمد على مفاجآت كل مباراة منفصلة عن الأخرى وبحسابات مختلفة تماما عن مسابقة دوري البطولة الذى يحتاج إلى عمل متواصل ودؤوب من بداية الموسم وحتى نهايته.

* الملك الراحل محمد الخامس رفقة أول كأس عرش سنة 1957

ويسدل الستار مساء اليوم الثلاثاء على النسخة 57 من المسابقة بإجراء مبارة النهاية على أرضية المركب الرياضي مولاي عبدالله في حلته الجديدة بين فريقي و .

 

لفهم دلالة و رمزية الكأس الفضية بالنسبة للمغاربة يجب الرجوع إلى أصل الفكرة التي أخرجت هذه المسابقة إلى  الوجود. فقبل أن تبدأ هذه الأخيرة فى اتخاذ الشكل الحالى لها سنة 1956، اقترنت فكرة كأس العرش بتأسيس العصبة المغربية لكرة القدم في زنقة ملوية بالدار البيضاء من طرف الحركة الوطنية التي تنبهت إلى ضرورة الاهتمام بالرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص كواجهة للتأطير الوطني و الانخراط في المعركة من أجل الإستقلال و هو ما لم تكن تسمح به العصبة الفرنسية التي أحدثها الاستعمار ابتداء من سنة 1916. مهمة التأسيس أسندت إذن إلى وجهين من الوجوه البارزة للمقاومة و هما السيد عبدالسلام بناني كرئيس للعصبة و الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي (الوزير الأول السابق وأحد الزعماء التاريخيين للفعل السياسي الوطني ببلادنا) ككاتب عام لها. هذان الوطنيان هما من أسسا مسابقة كأس العرش و هما من اخترا إجراء مباراة النهاية يوم 18 نونبر من كل موسم، و الذي كان يصادف آنذاك ذكرى عيد العرش. المبارة النهائية كانت تجرى في المشور السعيد تحت الرئاسة الفعلية للمغفور له جلالة الملك الحسن التاني رحمه الله (ولي العهد آنذاك). الانطلاقة الرسمية كانت إذن ابتداء من موسم 47/46 بفرق الأحياء البيضاوية لتشمل فيما بعد فرقا وطنية من مختلف المدن المغربية. و اختيار الدار البيضاء كموقع لانطلاق المشروع كان مدروسا باعتبارها مدينة الطبقة العاملة التي كانت تعول عليها الحركة الوطنية كثيرا لكسب معركتها ضد المستعمر.

 

مع انتهاء عهد الحجر و الحماية  و بزوغ فجر الاستقلال والحرية بدأت مسابقة كأس العرش تعرف طريقها الرسمي على الشكل الحالي و ذلك انطلاقا من عام 1956  و هكذا ترأس المغفور له الملك المجاهد محمد الخامس رحمه الله أول مباراة نهائية سنة 1957 بين فريقي الوداد البيضاوي و المولودية الوجدية بالملعب الشرفي بالدار البيضاء (مركب محمد الخامس حاليا و الذي كان يسمى فيما قبل بملعب مارسيل سيردان) و التي انتهت بالتعادل الإيجابي 1ـ1. هذه النتيجة طرحت إشكالية بحكم أن القوانين المعتمدة آنذاك لا تتوفر على بند للفصل بين الفريقين. قيدوم الصحافة الرياضية الوطنية الزميل الحسين الحياني الذي عايش الواقعة يحكي ما جرى كالآتي: "...مما تطلب حل الإشكال في اللحظة و المكان نفسيهما، فطلب تحكيم جلالة الملك..و بعد استشارات هامسة مع ممن هم حوله: وجه الكلمة التالية لنائب الكاتب العام السيد أحمد النتيفي "ماذا تفعلون في مثل هذه الحالات؟" كان النتيفي لا يخفي مواقفه من الوداد لأنه ابن الراك فرد على الملك:"إن الفريق الذي يسجل الهدف الأول يعتبر فائزا.." فقال محمد الخامس: "اعطوا الكأس للمولودية"..

 

القرار باتخاد  يوم 18 نونبر كتاريخ قار لإجراء نهاية كأس العرش كان صائبا و في منحى تأكيدي لرمزية و دلالة كأس العرش لدى المغاربة. فبعد عودة الملك محمد الخامس من المنفى يوم 15 نونبر 1955 شهد المغرب احتفالات منقطعة النظير طيلة الأيام الثلاثة الموالية (16 ـ 17 ـ 18 نونبر 1955) و كان اليوم الأخير (18 نونبر) ليس فقط هو أول عيد للعرش في عهد الاستقلال بل تاريخ تخليد ذكرى نضال الشهداء و الدماء التي سالت من أجل السيادة والحرية.

 

عندما يلعب الفتح الرباطي مساء اليوم نهائي كأس العرش رقم 57 فإنها ستكون المباراة الثامنة له في نهائي هذه المسابقة بعد تمكنه خلال السبع نهايات التي أجراها من إحراز اللقب خمس مرات (1967  ـ 1973 ـ 1976 ـ 1995 ـ 2010)  . ويجب التذكير بخصوصية أربع نهايات من السبعة التي خاضها الفريق لحد الآن. أول و آخر مباراة نهائية حضرها ملكان هي أول نهاية خاضها الفريق سنة 1960 والتي انهزم فيها أمام المولودية الوجدية (1ـ0) و التي ترأسها المغفور له الملك محمد الخامس بحضور ملك الأردن الحسين بن طلال رحمهما الله (هذه المقابلة أضاع خلالها لاعب الفتح العلمي ضربة جزاء). النهاية التانية و التي خاضها الفريق سنة 1967 ضد ن السطاتية و فاز فيها الفريق 2ـ1 ـتعد أول نهاية في تاريخ المسابقة تلعب تحت الأضواء الكاشفة. من خلال النهاية الخامسة ( فاز فيها الفريق على حساب أولمبيك خريبكة (2ـ0) سنة 1995) فالفتح الرباطي هو تاني فريق يحقق الفوز في سنة النزول إلى القسم الثاني (بعد فريق النادي المكناسي سنة 1966). أما النهاية السادسة للفريق (انهزم فيها سنة 2009 ضد الجيش الملكي) فهي أول و آخر مباراة نهائية حسمتها الضربات الترجيحية.

 

أما الطرف التاني لمقابلة اليوم فلم يكتب له الوصول إلى نهاية المسابقة إلا مرة واحدة و كان ذلك من خلال المبارة التي جمعته بفريق الكوكب المراكشي بتاريخ 1987/09/07 و التي أدارها الحكم السيد النجاشي. تلك النهاية كانت لها أيضا خصوصيتها بحيث عرفت تسجيل أكبر حصة في المباريات النهائية (4 ـ 0).

 

الرهان مساء اليوم سيكون كبيرا  وهاما للفريقين اللذين يطمحان للتتويج بعد مسار صعب للوصول إلى النهاية و هما يستحقان ذلك بما أنهما قدّما مردودا محترما في بداية هذا الموسم لذلك من المنتظر أن تفرز المبارة لعشاق المستديرة طبقا كرويا شهيا تتخلله الإثارة و التشويق و يكون في مستوى تطلعات جماهير الفرقين التي ستحج لا محالة بكثرة إلى المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله.

عرض المحتوى حسب: