كرونو

المرحوم عبد الله بليندة
المرحوم عبد الله بليندة

نجم من الزمان الجميل ..بليندة الرياضي الذي لا يعوض‎

أحمد اجديرة
قليلون هم مدربو كرة القدم ببلادنا الذين حظوا بالشعبية التي حصل عليها المرحوم عبد الله بليندة، فشهرته تعدت حدود المغرب، واضحى من اشهر المدربين الافارقة و العرب،لا سيما بعد تجاربه مع المنتخبات الوطنية وخاصة بعدما تمكن من تأهيل منتخبنا الأول و قيادته نحو مونديال أمريكا 94 دون أن ننسى مختلف التجارب التي خاضها بدول الخليج العربي.


ومهما كان اختلافك مع "السي عبد الله" في وجهات النظر، فلم تكن تملك الا ان تحترمه بشدة كيف لا وهو من كان يحمل تاريخا حافلا بالعطاء والانجاز لاعبا دوليا في كرة اليد و كرة القدم و مدربا على المستويين الوطني و الدولي، كما كانت لديه قدرة فائقة على الاقناع وكسب احترام الاخرين كرياضي مثقف و لكن و بالخصوص كإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى،لا سيما عندما كان يتجاذب اطراف الحديث مع الجميع بتواضعه المعروف و فكاهته المعهودة، هذا بالإضافة إلى حرصه على ان تكون علاقته مع جميع مكونات المشهد الكروي قائمة على الاحترام المتبادل مع الابتعاد عن المحاباة و عدم التردد في توجيه النقد البناء البعيد عن "الشخصنة".


على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على وفاة عبد الله بليندة، فإن اسمه مازال ساطعا في سماء الكرة الوطنية و فخرا لنادي الفتح الرباطي، حيث وافته المنية في مارس 2010 عقب تعرضه لوعكة صحية حادة و مفاجئة، سيطرت بعدها حالة من الصدمة والحزن على كل مكونات الوسط الكروي بعد رحيله.


ولد عبد الله بليندة في 25 سبتمبر 1951، كان منذ طفولته شغوفا بالرياضة و بكرة القدم على وجه الخصوص فتنقل ابن اتواركة لمداعبة الكرة من ملاعب هذه الأخيرة إلى الشواطئ مرورا بملاعب أحياء العاصمة إلى أن حط الرحال بفتيان فريقه الوحيد الفتح الرباطي الذي بقي يمارس بين صفوفه إلى أن قرر الاعتزال. بنيته الجسمانية القوية أهلته ليكون أحد أعمدة المنتخب الوطني لكرة اليد و بالتوازي مع ذلك استمر في تقديم عروضه القوية كمهاجم من الطراز الرفيع رفقة فرع كرة القدم لفريقه الأم وهو ما مكنه من أخد صفة الدولية كأحد الرياضيين المغاربة القلائل الذين استطاعوا أن يجمعوا بين الصفتين.

قاد فريقه نحو الفوز بكأسي العرش لسنتي 1973 و 1976. النهاية الأولى أجريت بملعب الانبعاث بأكادير و فاز فيها فريق الفتح الرباطي على حساب إ.ز.الخميسات  (3 ـ 2) سجل منها المرحوم عبد الله بليندة إصابتين أما النهاية التانية فأجريت بملعب مرشان بطنجة و فاز فيها ممثل العاصمة على حساب النادي القنيطري (1 ـ 0).

 


بعد اعتزاله، ولج عبد الله بليندة، الذي كان إطارا بسلك التربية البدنية، عالم التدريب بإشرافه على فريقه الأم الفتح الرباطي العديد من المرات قبل تدريبه للكثير من الفرق الوطنية كالرجاء البيضاوي، جمعية سلا، وداد فاس، اتحاد طنجة، أولمبيك اخريبكة و اتحاد اتواركة.  كما أشرف على تدريب العديد من الاندية في الخليج العربي كنادي الوحدة السعودي و نادي بني ياس الإماراتي.

 


ابتداء من سنة 1981 بدأ إشرافه على المنتخبات الوطنية فكانت أول تجربة له مع منتخب الشبان قبل أن يعمل كمساعد ابتداء من سنة 1989 للمدرب الإيطالي أنطونيو انجيللو خلال فترة إشرافه على الفريق الوطني الأول. عين سنة 1993 مدربا لمنتخب حرف باء الذي خاض تصفيات كأس إفريقيا للأمم لسنة 1994 و في نفس السنة تولى مهمة المنتخب حرف أ بعد تعويضه لعبد الخالق اللوزاني فقاده إلى الفوز في المباراة الأخيرة للإقصائيات بملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء على منتخب زامبيا (1 ـ 0 هدف عبد السلام لغريسي) وبالتالي التأهل إلى مونديال 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية حيث دون إسمه كأول وآخر مدرب مغربي يقود الفريق الوطني خلال نهائيات كأس العالم. آخر تجارب المرحوم كانت كمنسق عام للمنتخبات الوطنية وكمشرف عام على المدراء الجهويين على للعصب قبل أن يقبل بآخر مهمة قبل وفاته كمدرب للمنتخب الوطني المحلي.

 


لن أنسى ما حييت لقائي المباشر به آخر مرة عندما استدعيته لحضور يوم تواصلي لإحدى الجمعيات الفاعلة في الميدان كنت مكلفا بتنشيطه. استقبلته و دار بيني و بينه قبل بداية اللقاء حوار شمل العديد من المواضيع التي تهم كرة القدم الوطنية و خلف عندي انطباع بأن الزمان لا يجود في كل الأوقات برجال تابثين على قناعاتهم و مبادئهم أمثال " السي عبد الله". للأسف أخذت كرة القدم من صحته الكثير دون أن يدري و الجسد تحمل الكثير من التعب، والاعصاب احترقت آلاف المرات ليرحل عنا أحد أفضل المدربين المغاربة خلقا، احتراما وعلما.

عرض المحتوى حسب: