كرونو

عماد المغربي
عماد المغربي

ملف | "داعش" تتوغل عربياً بـ"الكرة"

(البطولة-محمود علي)

 

فرض مقاتلو تنظيم داعش "الإرهابي" أنفسهم على جميع مناحي الحياة، بعدما أصبحوا خطراً حقيقياً يُهدد أمن وسلامة كل دول العالم وخاصةً العرب منهم.

 

وعلى الرغم من أن أكثر المتشائمين لم يتوقع أن يتوغل هذا التنظيم الإرهابي إلى الرياضة بشكل عام وكرة القدم بالتحديد، إلا أنه حدث بالفعل، بعدما تفاجأ الكثيرون بالفترات الآخيرة بانضمام العديد من عناصر كرة القدم من لاعبين وحكام وجماهير إلى ذلك الكيان المتطرف.

 

عناصر هجرت الكرة و"تدعّشت"

أوروبياً

بدأت داعش بالتوغل في مجال كرة القدم فعلياً منذ ما يقرب إلى عامين، بعدما اُكتشف تجنيدها للعديد من عناصر اللعبة من أوروبا ودول العرب.

 

فمن أوروبا، كانت أبرز الأسماء التي انضمت لهذا التنظيم، بعض عناصر طاقم التصوير الخاص بهذا التنظيم، على غرار اللاعب البرتغالي فابيو بوكاس، البالغ من العمر 22 عاماً، خريج مدرسة سبورتنج لشبونة البرتغالي، وهو أحد المشاركين في تصوير مقطع الفيديو الذي بُث مؤخراً عن ذبح مصريين في ليبيا.   

 

وعن كواليس انضمامه إلى داعش قالت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية إنه سافر من لشبونة إلى لندن عام 2012، بهدف البحث عن فريق يضمن له احتراف كرة القدم، لكن وجهته تحولت فجأة إلى هذا الطريق المتطرف.

 

وفور إعلانه إسلامه، سمّى نفسه باسم "عبد الرحمن الأندلسي"، وكانت أبرز التغريدات على حسابه الشخصي بعد انضمامه لداعش، واحدة برر فيها فعلته بأنها مشاركة في حرب مقدسة ضرورية من أجل الانسانية.

 

كما كان هناك آخر يدعى، سالسو رودريجز دا كوستا، وهو أحد اللاعبين الهواة، وكان تقرير الصحيفة نفسها يقول إنه تقدم للاختبار بنادي آرسنال الإنجليزي في مرحلة ما، لكن النادي نفى ذلك فيما بعد.

 

عربياً

ومن أوروبا إلى الدول العربية، التي كانت أكثر توغلاً من قبل هذا التنظيم في مجال كرة القدم على وجه التحديد.

 

ففي المغرب، أعلن محمد اللوتي، أحد مشجعي فريق المغرب التطواني، انضمامه إلى داعش.

 

وشكل ذلك النبأ صدمة كبيرة لعائلته وأصدقائه، الذين اكتشفوا ذلك الأمر، من خلال تدوينة عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أرجع فيها أسباب غيابه عن الأنظار منذ نهاية العام الماضي إلى انضمامه لهذا الكيان في سوريا وانشغاله بالتدرب معهم على تقنيات السلاح.

 

وكان لاعب فينور روتردام، الحامل للجنسية المغربية، عماد المغربي، قد تجند أيضاً في التنظيم ذاته، بعدما كشف التنظيم نفسه عن هذا النبأ عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي مصر، اكتشف مؤخراً انضمام حكم الراية، محمود الغندور، نجل شقيق الحكم المونديالي المعروف، جمال الغندور، إلى نفس الطريق، ليرافق صديق عمره إسلام يكن، وهو طالب جامعي سبقه في الانضمام لهؤلاء.

كما كانت هناك وقائع سابقة للاعبين آخرين، فضلوا هذا الطريق على كرة القدم، على غرار لاعب فريق النجم الساحلي التونسي، نضال السالمي، ولاعب الإخاء اللبناني، أحمد دياب، وقد انضما للتنظيم في سوريا وقُتلا في اشتباكات هناك.

 

وفي المقابل، فقد ربطت تقارير غير دقيقة هذا التنظيم بأسماء نجوم عالميين كنجم ريال مدريد السابق، لاسانا ديارا، لكنه خرج عبر حسابه الرسمي لينفي بنفسه في وقت سابق من العام الماضي.

 

تهميش الرياضة أقوى أسلحة الدواعش

ومما لا شك فيه أن واحداً من أهم أسباب لجوء بعض عناصر كرة القدم إلى الانضمام إلى هذا التنظيم، وهو سبب ودافع يكاد يكون مشتركاً بينهم لاسيما العرب منهم، هو التهميش الذي يلاقونه سواء في بداية مسيرتهم الكروية أو بعد نهايتها.

 

فمن واقع التجارب التي مرت علينا كمتتبعين لكرة القدم، نستطيع القول إنه من أصعب المراحل التي تواجه لاعب كرة القدم طوال حياته، هما مرحلتا ما قبل الاحتراف وما بعد الاعتزال.

 

فالمرحلة الأولى المُصنفة بقبل الاحتراف، يعاني فيها لاعب كرة القدم الشاب كثيراً من قلة مداخيله وتهميشه، خاصةً إذا لم يكن الأبرز بين زملائه، وكثيرون ابتعدوا عن الكرة مبكراً، بعدما تيقنوا أن مسيرتهم لن تُثمر عن ما قد يُهيء لهم حياة طيبة.

 

أما المرحلة الثانية، فهي التي يجد اللاعب نفسه بعد اعتزال الكرة وحيداً، وبعيداً عن الأضواء التي اعتاد عليها إذا كان نجماً، وخالياً من الوظيفة، إذا لم يحصل على فرصة للعمل في التحليل بالقنوات أو بالتدريب في الأندية أو شغل أي منصب متعلق بكرة القدم، وعلى إثر ذلك تقل مداخيله المالية كثيراً، ويُصاب بإحباط نفسي كبير عندما يدرك أنه غير قادر على مواصلة العيش على نفس المستوى الذي كان عليه لمّا كان ممارساً للعبة.

 

لذلك، فإن دور الدول العربية ممثلة في هيئاتها الرياضية في التصدي لهذه الظاهرة، أصبح هاماً للغاية، لأن الأمر بات خطراً على الأمن القومي لهذه الدول.

 

وبات لزاماً على الجميع توفير عدة حلول للحد من التوغل الداعشي في كرة القدم والرياضة بشكل عام، لعل أهمها هو الاهتمام بالأجيال الصاعدة من الرياضيين وتوفير لهم ما يضمن استمرارهم في مشوارهم الرياضي دون انقطاع، وكذلك العمل على توفير ضمانات لهم برعايتهم من قبل الدولة مادياً، بعد إنهاء مسيرتهم الرياضية، تقديراً لمجهوداتهم ولإشعارهم بأهمية دورهم.

عرض المحتوى حسب: