كرونو

آرسين فينجر في اليابان
آرسين فينجر في اليابان

تقرير خاص | اليابان في حياة فينجر

بقلم | محمود علي

 

يمر كل مدرب لكرة القدم في مسيرته الكروية بمحطة تجعل الحياة مختلفة معه من بعدها ربما للأفضل أو للأسوأ، ويتوقف ذلك على مدى تأثيره عليها وتأثره بها واستفادته منها.

 

مدرب آرسنال الإنجليزي، البروفيسور آرسين فينجر، الذي يعتبر واحداً من أبرز الأسماء في عالم التدريب، كان أحد هؤلاء، إذ أن تجربته التدريبية في اليابان أثرت كثيراً في مسيرته التدريبية بالإيجاب، لتجعله أحد أباطرة التدريب في العالم، وهو ما سنستعرضه معكم بالسطور القادمة.

 

الطريق إلى اليابان

بعد أن قضى فينجر ما يقرب إلى 7 أعوام (1987-1994) في قيادة موناكو الفرنسي، أحدث خلالها طفرةً ملموسة بصناعة جيل عظيم للفريق كان أبرز نجومه غلين هودل وجورج ويا، يورغن كلينسمان ويوري جوركاييف، وفاز معهم بلقب كأس فرنسا عام 1991، تمت إقالته في الموسم الآخير بعد سلسلة من النتائج السيئة، وفي نفس الموسم تلقى عرضاً لتدريب فريق ناجويا جرامبوس الياباني.

 

وعلى الرغم من اختلاف الأجواء بين البلدين، إلا أن المدرب المولود في مدينة ستراسبورج قرر قبول التحدي الذي كان نقطة فارقة في مسيرته.

 

قبل مجييء فينجر كانت الكرة اليابانية بشكل عام تعتمد على نمط وحيد في اللعب قائم على السرعات واللياقة البدنية التي يتميز بها اليابانيون بالفطرة الربانية، لكن المدرب الفرنسي قرر أن يتبع نهجاً جديداً على بلاد الشمس المشرقة.

 

واعتمد فينجر في نهجه الفني الجديد مع فريق ناجويا جرامبوس على الألعاب الفردية والتمريرات القصيرة السريعة بدلاً من اقتصار حلولهم فقط على إرسال الكرات الطولية استغلالاً لسرعات اللاعبين في المساحات الخالية للخصم، والتي كان من السهل التفطن لها بإعداد تكتلات خلفية من خلال الدفاع المتأخر بدايةً من منتصف الملعب أو من قبله قليلاً.

 

نهج فينجر الجديد لم يكن يهدف من ورائه إهمال مميزات اليابانيين من السرعات واللياقة البدنية العالية، وإنما كان الهدف استغلالها في تحريك الكرة وليس العكس، فالتركيز على الفرديات والتمريرات القصيرة لم يكن لينجح إلا إذا كان المنفذون لديهم السرعة الكافية لتحريك الكرة من قدم لآخرى ومن جبهة للثانية لإرهاق المنافس وفتح ثغرات من عمق دفاعه جنباً وقلباً.

 

وما ساعد فينجر على تنفيذ فكره مع فريقه الياباني هو الحالة الانضباطية العالية التي كان يتميز بها اللاعبون هناك، خاصةً من الناحية الغذائية، فاليابان كانت ومازالت من أشهر الدول التي يتبع فيها اللاعبون نظاماً غذائياً صحياً يهدف إلى الحفاظ على ثبات أوزانهم، والتي تؤثر بطبيعة الحال بالإيجاب على رشاقتهم ولياقتهم البدنية وتجعلها في أعلى معدلاتها دائماً.

 

وبالفعل، أثمر نهج فينجر في اليابان عن نتائج كانت جد مميزة، إذ أنه في الموسم الأول قفز بالفريق من المركز قبل الآخير إلى المراكز الثلاثة الأولى بالدوري المحلي، ونجح في الموسم الثاني في الفوز بلقبي كأس الإمبراطور الياباني وكأس السوبر الياباني.

 

وبينما كان النادي يسعى إلى تجديد عقده، تلقى فينجر مكالمة هاتفية في منتصف ليلة من ديفيد دين نائب الرئيس السابق لـآرسنال يعرض عليه تدريب الفريق، وكانت هذه المكالمة هي بداية لنهاية مسيرته في اليابان من ناحية وبداية لمشواره مع "الجنارز" من ناحية آخرى.

 

استنسخ النظام الياباني في إنجلترا

عندما قدم فينجر إلى آرسنال في نهاية موسم 1996، لم يجد صعوبة في تطبيق ما كان يتبعه في اليابان مع الفريق فنياً، خاصةً وأن أساليب اللعب التي لاحظها في اليابان لا سيما فيما يتعلق بالكرات الطولية التي ذكرناها سابقاً كان مشابهاً تقريباً لأسلوب لعب الإنجليز، لكن العقبة الوحيدة بالنسبة له في إنجلترا كانت تكمن في عدم وجود انضباط غذائي في بلاد الضباب، وهو واحد من أهم الأسباب التي أدت إلى نجاحه في اليابان.

 

كان آرسين يُدرك جيداً أنه لن يُكرر نجاحاته التي حققها في اليابان في إنجلترا إلا إذا تملك لاعبين لديهم نفس الصفات الانضباطية الغذائية التي وجدها في اليابان، لأنها السبيل الوحيد لضمان لياقة بدنية وسرعات يستطيع من خلالها تنفيذ فكره، فلم يجد مفراً من استنساخ النظام الغذائي الياباني مع فريقه.

 

وكان أول شيء قام به فور وصوله إلى آرسنال، هو إلغاء الوجبات الرئيسية التي اعتاد عليها اللاعبون في إنجلترا من شرائح اللحم والبطاطس المقلية، واستعاض عنها بالسمك والدجاج المسلوق، كما أمر بالتقليل من شرب المياه والسوائل، وبدأ في تكثيف تدريبات الأحماء واللياقة البدنية لتساعده في تطبيق نهجه في الاعتماد على الكرات القصيرة السريعة.

 

وعن هذا قال فينجر: " عشت عامين في اليابان، ووجدت أفضل نظام غذائي أساسي، وهو عبارة عن الخضروات المسلوقة بجانب الأسماك والأرز، بدون دهون وسكر".

 

وأضاف: "لاحظت هناك أن نسبة السمنة كانت منخفضة للغاية، لكن في إنجلترا كان المُلاحظ هو الإفراط في تناول السكر واللحوم والدهون مع كميات غير مناسبة من الخضروات".

 

ومن هنا كانت بداية أسطورة "البروفسير" في إنجلترا والتي لاتزال مستمرة حتى الآن بما فيها من نجاحات وإخفاقات.

عرض المحتوى حسب: