كرونو

مشهد إيلان على أغلفة كبار الصحف العالمية
مشهد إيلان على أغلفة كبار الصحف العالمية

رأي شخصي | المُتاجرة الكروية بـ لاجئي سوريا

بقلم | محمود علي

 

منذ الواقعة المؤسفة والشهيرة التي حدثت مؤخراً للطفل السوري البريء، إيلان، الذي قذفت به الأمواج غريقاً على شواطيء الأتراك، وانهالت الأندية الأوروبية وبعض من العربية، ونجوم الكرة، في الإعلان عن دعمهم المعنوي والمالي للاجئي سوريا.

 

صحيح أن مشهد إيلان كان قاسياً للغاية، لكني لا أظن أبداً أنه وحده كان الدافع وراء باب المساعدات المالية والمعنوية الذي انفتح على مصراعيه فجأة أمام لاجئي سوريا، الذين يستجدون عطف العالم منذ تصاعد الأحداث في بلادهم دون جدوى.

 

يبدو لي أن الأمر أصبح "موضة" أو "تقليعة" جديدة بالعالم، أحب الجميع المشاركة فيها من منطلق مواكبة الأحداث لا أكثر ولا أقل، كـ "موضة" تحدي دلو الثلج مثلاً، التي بدأت بدعم مرضى التصلب العضلي الجانبي وجمع التبرعات لمكافحته، وانتهت بفيديوهات ساخرة يتحدى فيها المشاهير بعضهم البعض مواكبةً لـ "الموضة" أيضاً، على حساب الهدف الحقيقي من وراء ذلك الفعل.

 

لم أستسغ حقيقةً استيقاظ ضمير العالم "الكروي" فجأة أمام مشهد إيلان، وهو الذي ظل نائماً طوال السنوات الماضية التي راح فيها العديد من أطفال سوريا ضحايا سواء داخل بلادهم، جراء الأحداث المتأزمة هناك أو خلال محاولاتهم المتواصلة للهروب من جحيمها، وهي السنوات التي راح فيها أيضاً مئات الأطفال الفلسطينيين والعراقيين والصوماليين والموريتانيين وغيرهم، نتيجة لـأحداث مختلفة بعضها سياسي والآخر اقتصادي.

 

بل أين كانوا هؤلاء عندما استشهد الطفل محمد الدرة وهو في حضن والده قبل سنوات عدة، في مشهد نقله الصحفي الفرنسي الشهير شارل إندرلان لعالم لم ينتفض ولو معنوياً لدعمه آنذاك.. أين كانوا من الدرة، وما أكثر شِباه الدرة الذين لا ينتهون في فلسطين.

 

أنا لا أُلقي باللوم بالطبع على التعاطف الذي ظهر فجأة تجاه لاجئي سوريا من أندية الكرة ونجومها، حتى لو لم يكن لدينا دليلاً واحداً على أن كل ما نسمعه من تبرعات تُعلن من يوم لـآخر حقيقية مائة بالمائة، لكني أُسجل فقط استغرابي من ردود أفعال بدت لي هي والنفاق سواء، فلـ إيلان عائلة كبيرة من الأطفال ليست فقط في سورية، وإنما تتفرع في كل دول العرب، لم تجد أبداً من يحنو عليها طوال سنوات مضت وربما لا تجده أيضاً خلال سنوات قادمة، فور أن تنتهي "الموضة" الحاصلة حالياً.

عرض المحتوى حسب: