كرونو

ميدو
ميدو

رأي شخصي | كيف فضح تتويج ليستر ميدو؟!

بقلم | محمود علي

 

أخذ العهد الذي قطعه اللاعب الدولي المصري السابق، أحمد حسام "ميدو"، على نفسه بحلاقة شعره إذا تُوج ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي هذا الموسم، أخذ ضجة لا يستحقها أمس من الجماهير العربية التي باتت متشوقة للغاية لرؤيته على الهواء وهو يحلق شعره، حين أعلن تشيلسي بتعادله مع توتنهام عن تتويج "الثعالب" رسمياً وللمرة الأولى بلقب الدوري الإنجليزي.

 

لم يكن يستحق رهان ميدو كل هذه الضجة لأنه نُظر إليه من الكثيرين من زوايا، في الحقيقة ليست لها أي قيمة، فالبعض أخذ الأمر إلى طريق التنافس المصري الجزائري الكروي باعتبار أن ليستر يضم بين صفوفه النجم الأول لهذا الموسم في الدوري الإنجليزي-الجزائري رياض محرز، والبعض الآخر أخذه إلى طريق الأحقاد والغيرة الشخصية من ميدو تجاه محرز، لكن في تصوري الشخصي، لا هذا ولا ذاك أبداً ماكان في بال ميدو وقت إطلاق رهانه.

 

فهو لم يكن منشغلاً كثيراً بفكرة التنافس المصري الجزائري، لأنها أصلاً لم تكن موجودة، فـ ليستر لم يكن له منافس حقيقي يضم بين صفوفه مصري آخر مثلاً بعد ابتعاد آرسنال الذي يضم بين صفوفه محمد النني، وميدو رغم الغيرة التي عُرفت عنه، لكنه لم يكن يُبالي كثيراً بلاعب يحمل جنسية غير مصرية، لأنه لن يُمثل تهديداً حقيقياً على تاريخه "في مصر" كما صلاح أو أبو تريكة مثلاً، وهو الأهم بالنسبة له.

 

في وجوده في استوديوهات "بي ان سبورت" لا يشعر ميدو أبداً أنه مُحلل عادي وسط كوكبة المُحللين العرب الذين يُرافقونه هناك، وهو الذي-يرى- أنه صال وجال في الدوري الإنجليزي ولعب لأكبر عدد من الأندية هناك وفي أوروبا بشكل عام، حتى لو كانت رؤيته هذه غير موضوعية، بالنظر إلى الفترة الزمنية القصيرة التي تنقل فيها بين كل هذه الأندية، ونجاحاته القليلة، والتي اقتصرت على بداياته مع أياكس ومحطته مع توتنهام بالموسم الأول فقط..

 

أمام هذا وُلدت في ميدو ثقة مُفرطة أقرب إلى الغرور، الذي عانى منه كثيراً بعد اعتزاله كرة القدم في عام 2013، وسلكه طريق التحليل ومن بعده التدريب، فكان يرى دائماً أن رأيه هو الأصوب وأن نظرته هي الأثقب وأن فهمه لكرة القدم هو الأعمق والأكبر.. فخال له وهو مُحلل أنه فوق الجميع، وخال له وهو مدرب أنه حقق المعجزات-مع أن كل ذلك على أرض الواقع لم يكن صحيحاً.

 

ومن هذا الطريق وصل ميدو إلى تحدي ليستر في عدم القدرة على الفوز بلقب الدوري الإنجليزي، فكان يُريد أن يُثبت للجميع أنه المحلل الأكثر كفاءة والأثقب رؤية والأعمق فهماً للكرة، وما كان ما فعله إلا إثباتاً على عكس كل ذلك، فالفاهم لكرة القدم حقاً يعلم أن تحديها بالمنطق والعقل هو الجهل بعينه، لأنها لم تسر يوماً منذ اختراعها على يد الإنجليز في طريق المنطق والعقل، فجننتنا وخطفتناً دوناً عن أي لعبة آخرى.

 

وبعد أن كُتب لرهانه الفشل رسمياً بالأمس، أثبت ميدو دون أن يدري أنه حقاً لم يستنشق هواء الاحتراف، بعد أن فضح عجزه في فهم كرة القدم، وهو الذي خاض مسيرة أوروبية ليست بالقصيرة، كان يُفترض فعلاً أن تُنمي ثقافته وفهمه اكثر للكرة، وتجعله أكثر إدراكاً ووعياً بعدم خضوعها للمنطق.

 

يحلق ميدو أو لا يحلق، ليس هذا هو المهم، المهم حقاً أن الكرة الآن وبعد اعتزاله لها علمّته درساً لن ينساه أبداً في فهمها بشكل صحيح ودقيق، وأكدت لنا كعاشقين لها أنها لاتزال على حالها بعيدة عن المنطق والعقل والحسابات والمفاهيم والموازين، فكان الدرس من هذه الزاوية فقط جديراً بالاهتمام والتأمل.

عرض المحتوى حسب: