كرونو

صغار المنتخب المغربي الذين وصلوا لنهائي كأس جيم 2017
صغار المنتخب المغربي الذين وصلوا لنهائي كأس جيم 2017

في وطَنِنا كنزٌ .. نتجاهله ونَدْفنُهُ إهمالاً

أيوب رفيق (البطولة)

تأبى كُرتنا الوطنية إلا أن تُثبِّث بوصلتها نحو القارة الأوروبية، تترَّصد لاعبي المهجر، وتتربَّص بهم، حتى يصيرون رؤوسا يانعة فتقطفهم، فَلمَ تكبّد نَفْسها عناء التكوين والصّقْل والاحتضان والتّبني؛ وهي التي جبلتْ واعتادت على أنْ تغنم بأسماء جاهِزة تُعزِّز بها المنتخب الأول، بمُبرّر الانتماء إلى الوطن والانتصار لجذور السَّلف من الأجداد والآباء.


لَسْتُ أبداً من مُناهضي استراتيجية تطعيم المنتخبات الوطنية بلاعبين مغاربة يلمعون تألقا، ويستأسدون في القارة العجوز، ويُبدون مؤشرات فنية على إمكانية تقديمهم الإضافة لـ""، لكن ذلك لا يعني في الوقت نفسه الإفراط في استيراد الموارد البشرية الأوروبية الصُّنع والتكوين، ورَهْنْ مستقبلنا بآهوائها ومزاجاتها المتقلبة في الاختيار بين هذا المنتخب وذاك.


يحتفظُ أرشيف العلاقة بين المسؤولين المغاربة والمواهب المُزاولة في الخارج والمُترعرعة هُناك بخَيْبات وخسارات غزيرة مُنينا بها وانتصارات على رؤوس الأصابع حصدناها، ولا بأس من استحضار تجاهل ابراهيم أفيلاي وناصر الشاذلي ويونس قابول وعادل رامي لاستجدائنا، مُقابل استفادتنا من أسماء لم تَرْغب البلدان الأوروبية بشدّة في ضمّها مثل ومروان داك وستا وغيرهما.


يهوى القائمون على شؤون المستديرة في بلدنا خدْش كبريائهم والدخول في سباقات تُرهق أنفاسهم لاستمالة المواهب وإقناعها بحمل القميص الوطني، بل ويُمعنون في تضييق الآفاق المستقبلية للاعبين المحليين ويُمارسون سياسة التقاعس عن الاشتغال على المنتوج الوطني.


في وطَنٍ يَحْفُلُ بالجواهر اليافعة والشابة، وبمادةٍ خام من النجوم الصاعدة، يَهْرعُ منتخبنا الوطني إلى مطاردة لاعبي المهجر، بدل الاعتناء بما تجود به الحارات والشوارع المغربية بوجوه مُتعطشة وتواقة لاحتراف الكرة، واحتضانها وصقل المواهب التي تزخر بها.


الرّحِم المغربي ليس عاقر في إنتاج المواهب، وما بلوغ المنتخب الوطني للشباب لنصف نهائي كأس العالم 2005 ووصول الكتيبة المغربية للصغار إلى نهائي كأس "جيم" الدولية بقطر، مؤخرا، إلا بُرهانٌ ودليل ملموس على ثراء الكرة الوطنية، بيد أن ذلك لا يُقابَل سوى بالإهمال والتجاهل من طرف من يُدبِّرون الشأن الكروي، وكم يعتصرنا الألم ونحن نشاهد مصير رفاق طارق بندامو ومحسن ياجور وأبناء عبد الله الإدريسي الذين وصلوا إلى ثمن نهائي مونديال 2013 للفتيان بالإمارات.


قَمعُ الأصوات المُنادية بالاعتماد على اللاعبين المحليين بمسوِّغِ تدني مستوى الدوري المغربي، ليس سوى تجَنٍّ وهروب إلى الأمام، فالمنافسة المحلية ستُبصر حتما سبيلها إلى الأمام، إنْ تم تجويد التكوين والرفع من منسوب الاهتمام بالأقدام اليافعة، حتى لا نتَّخذَ من مسلسل التفاوض مع أمين حاريث وغيره قضية مصيرية تُحدد مستقبل كرتنا الوطنية. 

عرض المحتوى حسب: