كرونو

None

هل يتصدى الفيفا لظاهرة "عنف الملاعب"؟

البطولة (متابعة - بي إن سبورتس)

تعددت الإصابات المخيفة في ملاعب كرة القدم تحديداً منذ انطلاق عام 2017، ما لفت الانتباه إلى أن هناك خطر داهم أصبح يحيق بالساحرة المستديرة من الممكن أن يفقدها شعبيتها وحب الجماهير لها.


منذ أكثر من شهرين، تعرض رايان ماسون لاعب لإصابة مرعبة بسبب تدخل متهور من غاري كاهيل مدافع ، تدخل كاد يفقد اللاعب الإنكليزي حياته بعد أن أصابه بارتجاج عنيف في المخ وكسر في الجمجمة، أدى لخضوعه لجراحة في مستشفى بالعاصمة البريطانية لندن.


تكررت مشاهد الإصابات الصعبة مرة أخرى وتحديداً في ربع نهائي ، عندما تعرض هاري كين هداف  والمنتخب الإنكليزي لعرقلة عنيفة من مدافع ميلوال جاك كوبر، بعد انطلاق مباراة الفريقين على ملعب "وايت هارت لين" ما أدى إلى خروج مبكر لثاني هدافي الدوري الإنكليزي بعد سبع دقائق فقط من انطلاق المباراة.


** لحظات مرعبة

استمرت المشاهد القاسية في ملاعب كرة القدم وتكرر سقوط اللاعبين ضحايا التدخلات المتهورة والخشونة المبالغ فيها تحت غطاء التفاني في أداء الواجب الدفاعي، أو تنفيذاً لما يسمى باللعب الرجولي، والذي تخطى حاجز المسموح أو المتوقع في أي منافسة رياضية، وبدت المأساة في ذروتها عندما انزلق لاعب المنتخب الويلزي ومدافع نيل تايلور بقوة مبالغ فيها باتجاه سيمون كوليمان، قائد منتخب جمهورية أيرلندا في مواجهة الفريقين ضمن منافسات المجموعة الرابعة من لينتج عن الاندفاع المتهور لنيل إصابة مروعة صدمت كل من كان في الملعب بل وجميع من شاهد اللقاء عبر شاشات التلفاز، وخلفت غضب بالغ أصاب كل عشاق الساحرة المستديرة حيث أصبحت تلك المشاهد الناتجة عن حماس مبالغ فيه تشوه كرة القدم الجميلة وتحول الملاعب إلى ساحة للمصارعة دائماً ما يكون ضحاياً أمهر اللاعبين وأكثرهم إبداعاً وتفوقاً في عالم اللعبة.


كوليمان أحد أبرز ضحايا ما يمكن أن نسميه بـ"عنف الملاعب"، لم يكن في الواقع ظهيراً عادياً في فريق  المنافس في بل هو أحد أفضل لاعبي المسابقة وأكثرهم كفاحاً لإثبات ذاته، إذ انتقل إلى إيفرتون عام 2009 قادماً من فريق سيلغو روفرز المغمور ب 60 ألف جنيه إسترليني فقط ورويداً رويداً تحول إلى أحد أفضل مدافعي الدوري الإنكليزي خاصة على صعيد المشاركة الهجومية، بعد أن خاض هذا الموسم مع إيفرتون 26 مباراة سجل خلالها 4 أهداف وأهدى 3 تمريرات حاسمة، وهو ما يعظم قيمة خسارة فريقه، ويبرز إلى أي مدى يتسبب عنف الملاعب ليس فقط في تدمير مستقبل اللاعبين بل في التراجع الفني للأندية.


** خسارة أليكس فيدال

نترك الملاعب الإنكليزية ونتجه إلى إسبانيا، حيث  التي كانت شاهدة على أحد أعنف إصابات عام 2017 حتى الآن، عندما تعرض ظهير أيمن   البالغ من العمر 27 عاماً إلى تدخل بالغ القسوة من مدافع  المعار من أتلتيكو مدريد ثيو هيرنانديز، ما أدى إلى كسر مضاعف في قدم فيدال وانتهاء موسمه بشكل مأساوي، والمحزن جداً في قصة فيدال أن اللاعب كافح كثيراً لإقناع مدربه بقدراته بعد فترة طويلة قضاها حبيساً لكرسي البدلاء، إذ انتقل اللاعب إلى برشلونة عام 2015 وشارك في 15 مباراة فقط مع العملاق الكاتالوني أحرز خلالها هدفين، كانا أثناء الموسم الحالي بل تحديداً في مطلع عام 2017 في مرمى لاس بالماس وبيلباو على التوالي.


موقف أكثر صعوبة عاشته الجماهير الإسبانية عندما تعرض مهاجم إلى خطر الموت عقب بلع لسانه بسبب اجتياح عنيف جداً من أليخاندرو أريباس، مدافع في إحدى مباريات الدوري الإسباني، وهو ما جعل الجميع يشعر أن كرة القدم بدت وكأنها أصبحت أكثر عنفاً وخطراً من ألعاب جماعية معروفة بشراستها مثل الرغبي أو كرة القدم الأميركية.


** الفيفا يتدخل

بدا أخيراً أن شدة وعنف الإصابات في الآونة الأخيرة وما تسببت فيه من تأثير سلبي على متعة كرة القدم وعلى شعبية اللعبة قد أثار حفيظة الإدارة الجديدة في الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا الذي قرر أن يفتح تحقيقاً منفصلاً وعاجلاً في التدخل المرعب لتيلور مدافع ويلز على الأيرلندي كوليمان وذلك بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وهو ما يعني أن الفيفا بدأ يعي أن هذا النوع من العنف داخل المستطيل الأخضر يجب أن يواجه بقرارات صارمة واستثنائية لإيقافه، إذ أن تايلور كان قد عوقب خلال المباراة بنيل بطاقة حمراء وضح أنها غير كافية أبداً.


تاريخياً يتذكر الكثيرون التعديل الذي حدث في قانون كرة القدم جراء إصابة مهاجم ميلان الشهير وأفضل لاعب في العالم أعوام (1988-1989-1992) الهولندي ماركو فان باستن عندما تسبب تدخل عنيف من الخلف في قطع وتر أخيل للاعب وهي إصابة أدت إلى اعتزاله كرة القدم، ما جعل الحكام عقب ذلك يشهرون البطاقات الحمراء في وجه أي لاعب يقوم بالعرقلة من الخلف.


فهل ستنبئ الأيام القادمة عن تعديل قانوني من الفيفا يعيد به الانضباط إلى ملاعب كرة القدم، أم أن انشغال الاتحاد الدولي بزيادة عدد المشاركين في مونديال 2026 قد طغى على كل شئ داخل جدران المؤسسة الأكبر في عالم كرة القدم حالياً؟ّ!.

عرض المحتوى حسب: