أيوب رفيق (البطولة)
يكادُ يُجْمِعُ الكّلُّ على تميز الكرة المغربية كماًّ من حيث اللاعبين المُمارسين في الدوريات الأوروبية، قياساً إلى الكثير من الدول العربية، باستفادتها من أبناء المهجر الذين يُبصرون النور ويترعرعون في القارة العجوز، ثم يختار عدد منهم في آخر المطاف تمثيل "أسود الأطلس".
حافظ المغاربة، منذ حلول الألفية الثالثة على الأقل، على استمراريتهم في التواجد ضمن أندية ذات وزن على الصعيد الأوروبي، خاصَّةً من المستوى الثاني إنْ كُنَّا نبتغي التدقيق، دون الحديث عن سجلِّهم في القرن الماضي، والنجوم السابقون، الذين خبِرَوا أجواء اللعبة هناك، من قبيل عزيز بودربالة وميري كريمو وغيرهما.
أما على مستوى الجودة أو الفعَّالية، فالمشهد يبدو أقل لمعاناً وإشعاعا. يشترك معظم "الأسود" سواء الحاليين أو حتى السابقين، في حمل قميص فرق ليست من النُّخبة أو الدرجة الأولى، وأعني هنا رِيال مدريد وبرشلونة وبايرن وميونيخ ومن على طينتها، باستثناء بعض النوادر، مثل المهدي بنعطية وأشرف حكيمي، حالياً.
وحتَّى وإن كان مثل اللاعبيْن المذكوريْن سلفاً يُمارسان في أندية عالمية، فإن لعب دور القيادة والنجومية داخل هذه الفريق ينتفي ويغيب تقريبا، خاصَّة في نموذج حكيمي، بينما يختلف بكثير وضع بنعطية، الذي يحتل مكانة هامة ويضطلع بدور أساسي في نادٍ عريق مثل يوفنتوس.
لقد بلغت هذه القناعة الشّخصية، وأنا أُفكِّك الحضور المغربي في الكرة الأوروبية، بعدما وقفت على ما ينسجه المصري محمد صلاح من عروض الإبهار والإمتاع مع فريقه ليفربول، هذا الموسم، وآخر فصلٍ من ذلك تألقه أمام فريقه السابق أيس روما، ضمن ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
لمست فيما يُقدِّمه "الفرعون المصري" وما يُنجزه تجسيداً للنجومية الحقَّة، وهو يحمل فريقاً بإرث وقيمة ليفربول على عاتقه، ويتربع على عرش الدوري الإنجليزي الممتاز، ويُقارع نجوم عمالقة في "التشامبيونزليغ"، فتساءلت إنْ كُنَّا مُحقِّين كإعلام وجماهير مغربية في إضفاء النجومية على لاعبينا الذين يلعبون أدواراً ثانوية في أندية كبرى، أو يتألقون في أندية صغرى أو متوسطة، دون أن يخضعوا لاختبارات من المستوى العالي.
صلاح ورياض محرز، النجم الجزائري الذي قاد ليستر سيتي إلى التتويج بالدوري الإنجليزي، الموسم ما قبل الفارط، هما مِثالان على ما يجب فعلاً تقديمه قبل أن تستحق صفة نجم. سيقول قائل بأن الكرة المغربية تزخر بلاعبين قادرين على اقتفاء آثر المصري والجزائري، مثل حكيم زياش، لكن ألا يجدر بنا التريث قليلا بشأن صانع ألعاب أياكس أمستردام، على الأقل حتى ينضم إلى دوري أكثر شراسة وينتقل لفريق بتنافسيةٍ أكبر؟
إن ما بلغه الدولي الجزائري، الموسم ما قبل المنصرم، والقمة التي يتواجد فيها النجم المصري، في الوقت الراهن، هو معطى إيجابي للاعبين المغاربة الذين سيرتفع حتماً سقف طموحاتهم، وسيؤمنون بإمكانية مُجاراة أفضل الأسماء العالمية، دون أدنى مركب نقص، شرط العمل والاجتهاد والمثابرة والتفاني، تماما مثلما سمعنا ونقرأ عن وصفات نجاح محرز وصلاح.