كرونو

None

عنجهية بدريولا "الغيور" في عصر “الأرقام الوهمية”!

بقلم - محمود ماهر (القاهرة - البطولة)


يَدفع قبل خوضه مباراته الأولى في دور مجموعات أمام يوم غد الجمعة، ثمن لا مُبالاة مدربه «حسام البدري» خلال الثلاثة أشهر الماضية وعدم اهتمامه بالمصلحة العليا، واختصار مهمته في الأهلي على تحقيق أرقام واحصائيات لا قيمة لها.


أصر "المدرب المحلي" على اشراك جميع العناصر الأساسية في مباريات أقل ما يُقال عنها لا فائدة منها من الناحيتين الفنية والمعنوية، بعد انتهاء المنافسة على اللقب المحلي إكلينيكيًا منذ نهاية شهر يناير، نعم كما قرأتم، منذ شهر يناير أي قبل 14 جولة كاملة من نهاية الموسم، هذا أمر عادي في ظل ظروف الإسماعيلي والزمالك الصعبة.


الأهلي بتوصية من ، ضم عمرو بركات ومحمد الجزار وأكرم توفيق وميدو جابر وصلاح محسن خلال فترتي الانتقالات الصيفية والشتوية الماضيتين، دون أي استفادة فنية تذكر، فقط صفقات "على الفاضي والمليان"، لماذا؟ لأن الفرصة لاحت بالفعل أمامه لتجربة كل لاعب جديد قام بضمه وكل لاعب بديل همشه وكل لاعب حديث العهد وصاعد لفت الأنظار مع فريق الشباب.


فرصة كانت ذهبية امتدت لنحو ثلاثة أشهر (فبراير ومارس وأبريل)، وأرى أن هذه كانت النقطة المحورية التي ستُغير وجه مسيرة البدري وستؤدي للاستغناء عنه عاجلاً وليس آجلاً.


لماذا لم يُفكر البدري في تجهيز فريق ثان يحقق له الاستقرار الفني والمرونة التكتيكية، ويريح عدد لا بأس به من اللاعبين الأساسيين قبل دوري الأبطال الصعب؟ ومن جهة أخرى يستطيع بهؤلاء البدلاء نزع "الأمان" من العناصر الأساسية وخلق منافسة شرسة بين الجميع ستصب في النهاية لصالح الفريق في الصراع على لقب دوري أبطال أفريقيا دون مواجهة ضغوطات ومشاكل مع الإصابات كما حدث خلال الموسم الماضي، والذي تحجج البدري على مداره بتوليه المسؤولية خلفًا لمدرب لا يعرف الأهلي جيدًا “مارتن يول”، وأنه جاء بعد مرحلة انتقالية صعبة وسلسلة قرارات متخبطة من مجلس محمود طاهر في أعقاب إقالة الإسباني كارلوس جاريدو عام 2015 وما إلى غير ذلك من ردود مُكررة وجاهزة في كل مرة تحاول فيها نقد "عمله" وأسلوب إدارته.



كل يوم نسمع ونقرأ عن أخبار إصابات العناصر الأساسية للأهلي، بشكل لا يُصدق، يوحي أن الأهلي كان لا ينافس في الدوري المصري بل في مطحنة "البريميرليج"، لكن تلك الإصابات نتاج غيرة ساذجة من مانويل جوزيه، غيرة مبنية على حصد المزيد من الأرقام الخاصة بالبدري لوحده، كي يطل على الإعلام والجمهور بابتسامته البهية ويقول ها قد وصلت إلى ما وصل إليه البرتغالي، مَجدوني وارفعوني على الأعناق، أنا أسطورة..


مواصلة اشراك الأساسيين دون الحاجة لهم كلف الفريق الكثير، فبخلاف الإصابات، بعض البدلاء اتجهوا نحو المغادرة على سبيل الإعارة..عمرو بركات وأحمد الشيخ وحسين السيد إلى الشباب والاتفاق في السعودية، وقبلهم الموهوب “صالح جمعة” الذي كان سيكون البديل الأنسب لفتى البدري المدلل "عبد الله السعيد" بعد الخطأ الذي اقترفه بالتوقيع للزمالك وللأهلي في آن واحد بنهاية فبراير.


وجلوس عناصر على الدكة مثل صلاح محسن وأكرم توفيق وأحمد حمودي وأحمد حمدي وإسلام محارب، أدى إلى تسلل الاحباط بداخلهم واهتزاز مستواهم وتراجع لياقتهم البدنية، لتتقلص أهميتهم ودورهم، وتتراجع فرص الاستفادة منهم وقت الحاجة إليهم، وهذه الحاجة تتمثل بالطبع وقت إصابة أو تَمرد أو انخفاض مستوى لاعب من اللاعبين دائمي المشاركة قبل مباراة غاية في الصعوبة مثل مباراة الترجي.


هل تتذكروا ما حدث في النسخة الماضية من دوري أبطال أفريقيا عندما خسر البدري النهائي على ملعب محمد الخامس بكازابلانكا مطلع شهر نوفمبر؟ منذ ذلك الحين ويحاول إثبات شيء ما للإعلام، البداية كانت بالهروب من المؤتمر الصحفي الذي أعقب تلك المباراة، والتحجج بأخطاء جاساما وإلصاق التحكيم الإخفاق لإخفاء الهفوات الفنية التي اقترفها.



وتمادى بعدها في تفضيل نفسه ونسيان الأهلي بالاعتماد المبالغ على محمد نجيب وسعد سمير وعلي معلول وأحمد فتحي في الدفاع، وحسام عاشور وعمرو السولية ووليد سليمان وعبد الله السعيد في الوسط، ووليد أزارو وجونيور أجايي في الهجوم، وعلى مدار كل تلك الفترة، لم يتنازل أبدًا عن أفكاره ولم يتجه نحو منح الثقة للاعبين الذين طلب التعاقد معهم أو نحو تجربة بعض صغار السن، حتى بعد أن سَهل عليه خصمه الرئيسي على لقب الدوري “ديسابر” مهمة التتويج بمغادرة للإسماعيلي بشكل مفاجيء لتلبية نداء أوغندا التي عذبت مصر في التصفيات المونديالية.


وفي عز أزمات الزمالك الفنية والإدارية ورحيل نيبوشا ومجيء إيهاب جلال ثم رحيله هو الآخر، ووسط انشغال حسام حسن مع المصري البورسعيدي بمنافسات الكونفدرالية، ظل البدري يُعامل الدوري المصري على أنه الدوري الإنجليزي، راسمًا سيناريوهات غير واقعية للجميع بأن الطاولة قَد تُقلب على رأسه ورأس لاعبيه في ليلة وضحاها بعودة تاريخية لرفاق القيصر أو بانتهاء زمن المستشار، وهذه قصص تجدها في كتاب ألف ليلة وليلة وليس في الواقع الرياضي المصري.


الأرقام الوهمية كانت السبب الرئيسي، وأراها التفسير المنطقي الوحيد الذي دفع البدري نحو تهميش مصلحة الأهلي، وإعلاء مصلحته الشخصية على جميع اللاعبين..أرقام وهمية مثل أفضل هداف أجنبي لعب للأهلي كان في عهده، ورقم أكثر مدرب حافظ على سجل الأهلي خال من الهزائم، ورقم أكثر مدرب تحقيقًا للانتصارات المتتالية، وغيرها من أرقام وصفتها لكم وأعيد وصفها بالوهمية.



قبل 12 عامًا من الآن، في شهر مايو 2007، ضحى مانويل جوزيه بمثل هذه الأرقام وأفضل منها بمراحل، وقرر منح لاعبيه الأساسيين راحة قبل أن يترك القاهرة متوجهًا إلى البرتغال، رغم أنه سيلاعب الزمالك. فحدث ما توقعه الجمهور وخسر الأهلي من الزمالك 2/صفر، لكن لا أحد اهتم، وظل فوز تحصيل حاصل بالنسبة للغريم، وتأكد الكل وقتها أن جوزيه مهتم مثله مثل أبناء الأهلي بشعار "فوق الجميع"، ليحصد في المباريات التالية انتصارات مذهلة في دوري أبطال أفريقيا أمام “الهلال وأسيك والترجي”، فبلغ نصف النهائي وهزم الاتحاد الليبي، إلا أن الحظ لم يحالفه أمام النجم في النهاية، لكن ما فعله في النجم ذات نفسه والصفاقسي عامي 2005 و2006، شَفع له تلك الخسارة المحرجة في ستاد القاهرة بإدارة المثير للجدل "العرجون".


الغيرة من جوزيه لم تكن عند البدري على مستوى تكرار الإنجازات والبطولات والتأثير في تاريخ الأهلي بل على مستوى الأرقام والهيبة والشعبية، وتلك الأمور لا تُكتسب بتفضيل الذات والمصلحة الخاصة على المصلحة العليا.



لقد نسى الرجل أو تناسى شعار “الأهلي فوق الجميع” الذي رسخه المايسترو قبل سنين وعَمل به كل مَن تولى شرف تدريب الفريق، فتحولوا من مُجرد مدربين إلى (مدراء فنيين)، أما البدري فمع الأسف اختار أن يبقى كما هو في خانة “المدرب” دائم التعرض للهجوم وللنقد.


نعود لقصة الدوري المنتهي، الأهلي حَسم اللقب بشكل "رسمي" قبل ست جولات كاملة من نهاية الموسم، أي منذ الجولة الـ 28، ولا أكذب عليكم، كان البطل من قبل ذلك بست أو سبع جولات أخرى بشكل "غير رسمي"، تحديدًا عندما استطاع هزيمة الإسماعيلي بهدف متأخر لوليد سليمان ضمن الجولة الـ21 التي تلت فوزه العريض على الزمالك بأسبوعين، أي أن الدوري منتهي بشكل عملي لصالح البدري من قبل 14 جولة كاملة!.


الشركات الراعية كانت تتهيأ حقًا لإطلاق التصميمات الجديدة للأدوات الرياضية للفريق منذ بداية السنة، والتساؤلات تجتاح مكاتب المسؤولين عن “الماركتنج” حول وضعية النجمة الرابعة سواء على قميص الفريق أو الحافلة بالإضافة إلى مدرجات ملعب مختار التتش الذي لم يَمر على تحديثه وقت طويل.


كل الناس في الشارع الرياضي..الصغير قبل الكبير في اللعبة، بَصم بالعشرة على أن اللقب سينتهي لصالح الأهلي هذا الموسم من قبل بدء النصف الثاني، إلا حسام البدري وحده الذي ظن أنه “جوارديولا” وأن إيهاب جلال هو “مورينيو” والزمالك “مانشستر يونايتد”، ولا بد أن يواصل حصد الانتصارات وإشراك العناصر الأساسية مهما كلف الأمر، حتى لو خسر تشكيلته الأساسية قبل مراحل الحسم في الكأس وافتتاح الأبطال أمام الترجي الصعب، رغم علمه المُسبق أن الهدف الرئيسي للفريق في عام 2018، هو التتويج بالأميرة السمراء الغائبة عن خزائن النادي منذ 2013، والعودة إلى كأس العالم للأندية، وهذا ما أعلنه الرئيس محمود الخطيب في أكثر من مناسبة.



العنجهية والغرور والرغبة في اقتحام صراع من نوع خاص على الأفضلية على حساب مانويل جوزيه، لعبت دور هام في تحول البدري لشخص ينظر تحت قدميه فقط دون تفكير في المعتركات المستقبلية له ولفريقه.


فشل البدري في تجهيز دكة بدلاء محترمة لم يسعفه أمام الزمالك في القمة، فخسر بهدفين وأصيب سعد سمير واهتزت ثقة اللاعبين في أنفسهم، وتلت تلك السقطة الخروج المتوقع من ربع نهائي كأس مصر أمام الأسيوطي، وفي الجهة الأخرى استمر الزمالك إلى نصف النهائي وصار المرشح للتتويج بلقب البطولة رغم كل مهازله الفنية وانعدام استقراره الفني، وفوق كل هذا سَمح البدري بأفول نجمه في الشارع الرياضي وسطوع اسم مدرب مُجتهد سيكون له شأن في المستقبل القريب هو “علي ماهر”.


الأخطاء التدريبية التي اقترفتها البدري في كيفية تجهيز لاعبيه البدلاء وصغار السن من النواحي الفنية وتطويرهم ذهنيًا، قصرت من عمره وجعلت أيامه تكاد تكون معدودة على أصابع اليد الواحدة داخل أسوار القلعة الحمراء، ناهيك عن كل ما ذُكر من مشاكل فنية وعدم وضوح الرؤية في الجمل التكتيكية أثناء سير اللعب، لا يجب أن ننسى هفواته في إدارة ملف التعاقدات وجلب لاعبين كفلوا خزينة النادي ملايين الجنيهات دون أي استفادة فنية تذكر آخرهم صلاح محسن الذي كلف انضمامه من إنبي ما يزيد عن 35 مليون جنيه، وهذه قضية أتعس يطول شرحها...الآن دعونا نرى ما سيحدث مع البدري في أول اختبارين أمام الترجي وكامبالا في دوري الأبطال..


عرض المحتوى حسب: