كرونو

None

"عُذرا ضَحايا -سِكة المَوت- .. لَسنا مُجبرين علَى التضامُن..!"

محمد زايد (البطولة)

شاء القدر أن يُزلزَل المغرب بفاجِعة "قطار بوقنادل" صباح اليوم، قُبيل مباراة أمام منتخب جزر القمر في ، وحين نربط بين الحدثين، نجد أن ما يجمعهما هو الوطن، ولو أن حادث القطار يبقى مأساويا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولا يقارن أبدا بمباراة في كرة القدم، مهما كانت قيمتها.


لم أهتم لاختيارات رونار ولا لأداء لاعبي منتخبنا بقدر ما كنت مهتما بالتفاتة بسيطة من ممثلي الوطن "كُروياً" لإخوانهم الذين لقوا حتفهم في فاجعة "سكة الموت"، ولو بِشارة سوداء توهمنا على الأقل بأننا "على قلب رجل واحد."


الفاجعة التي راح ضحيتها ما يقارب 100 شخص بين قتلى وجرحى في معظمهم، لم تنل ولو حيزا بسيطا من اهتمام منتخبٍ يشارك الضحايا نفس العلم والجنسية، فظهر ربما أنه لا يشاركهم نفس القيمة والمكانة، وحين نذكر المنتخب فنحن نقصد المسؤولين بالدرجة الأولى، على رأسهم رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، الذين كان حريا به إجراء اتصال من دقيقتين على الأكثر، يطلب فيه من المدرب والعميد بحمل شارات سوداء تتضامن مع الضحايا وأُسرِهم، تنسينا على الأقل الأداء الباهت لهذا المنتخب، وتُحيي فينا ولو بنسبة ضئيلة، قِيم التضامن والتآزر بيننا.


هذه الشارات قطعاً لم تكن لتُعيد قدما أو ذراعا لمن فقدوهما في الحادثة، ولن تُعاود إسكان الرّوح جسد أحد شهداء الفاجعة، والذي قد يكون بينهم فقيد كان من مُنتظري موعد المباراة لمشاهدة منتخبٍ، لم يكلف نفسه عبر مسؤوليه ولاعبيه حتى الترحم عليه، سواء علنيا أو رمزيا للأسف البالغ.


هناك أمثلة عدة على أحداث مشابهة، تم فيها إبراز هذه القيم التي تحدثنا عنها ولو باختلاف المواقف، أظهرت قيماً إنسانية نسعى لقتلها في دواخلنا يوما بعد يوم هنا.


ففي سنة 2012، وقبل ربع نهائي كأس أمم أفريقيا طلب المنتخب الغاني من الكاف ارتداء شارات سوداء تضامنا مع وفاة والدة أحد اللاعبين، و في سنة 2016 وبعد أحداث بروكسيل الإرهابية، ألغى المنتخب البلجيكي تدريباته الاستعدادية لمباراة البرتغال الودية وقتها، معللا ذلك في بلاغ أصدره الاتحاد الكروي للبلاد بالقول: "تفكيرنا منشغل بالضحايا، ليس من الضروري لعب كرة القدم اليوم، والتدريبات ألغيت"، بل إن إحدى مباريات القسم الأول الإنجليزي أجلت قبل حوالي شهر، كانت ستجمع بين "بارنسلي وبيرتن ألبيون"، بسبب وعكة صحية مفاجئة تعرض لها أحد المشجعين، تم نقله عبر مروحية لتلقي العلاجات الضرورية، في مشهد يمثل لنا قصة خيالية لا نسمع عنها ولا نراها إلا في أفلام "النيتفليكس".


لا نريد أن نجزم بأن الشعب طبقات، وأن الأغلبية الساحقة توجد في الأدنى، وقيمتها ليست من قيمة الطبقات الأعلى منها باختلاف الدرجات، لكن المواقف المُتواترة تبرز ذلك بشكل واضح، من بينها موقف اليوم، وهذا واقع تؤكده الأحداث ولا نؤلفه والحسرة تملأ القلوب، إذ لا يسعنا إلا الترحم على أرواح الضحايا وترجي شفاء المصابين، والصدح بأعلى صوت "حسبنا الله ونعم الوكيل".


للتواصل مع الكاتب: m.zaid@elbotola.com


عرض المحتوى حسب: