كرونو

من مباراة الأمس
من مباراة الأمس

تقرير خاص| المغرب - تونس .. سنواتٌ من التوتُّر والاحتِقان والغَليان الكروي

أيوب رفيق (البطولة)

بالقدر الذي تَحفَلُ به المواجهات الكروية بالنِّدِّية والتَّشويق والرغبة الجامحة في إدراك الانتصار، تشوبها كذلك أجواء من الاحْتِقانِ والغَليانِ المسنودةَ بالصِّبغة "المغاربية" التي تُميِّز هذه اللقاءات، والمُنافسة الشرسة التي تطبع كل ديربي من الديربيات، بالنَّظر إلى رغبة كل طرف في إثبات نفسه، وبسط تواجده وكينونته في المنطقة.


هذه الأحداث تجد لها سوابق مُماثلة في ماضي النِّزالات الثنائية بين المغرب وتونس، والذي يشهد على أن فصول الصِّراع الكروي بين البلديْن غالبا ما تتعدَّى الجانب الرياضي، وتزيغُ عن نِطاق الروح الرياضية، لتتحوَّل بين الفينة والأخرى إلى "معارك" تَنْهَلُ من "المُصارعة" و"الفنون القِتالية"، بعيداً عن القيم النبيلة التي تنطوي عليها كرة القدم.



قبل أن تندلع المُلاسنات والاشتباكات بين "أسود الأطلس" و"نسور قرطاج"، يوم الثلاثاء، في اللقاء "الودي" الذي جمعهما بملعب "رادس"، ثمَّة وقائع تكاد تتطابق مع ما جرى يوم أمس من حيث الطبيعة والنَّمط والصورة، حيث دوما ما تنقضي المقابلات عل وقعِ النِّزاعات بين اللاعبين الذين يجدون أنفسهم يؤدُّون وظائف أخرى على أرضية الميدان عِوض كرة القدم.


بنعبيشة وأبناؤه من ضحايا "التهُّور" التونسي

لم يكن يدري أفراد الذين كان يقوده حسن بنعبيشة، سنة 2015، أن خوضهم لإياب الدور النهائي من ريو دي جانيرو أمام ، بملعب "رادس"، سيُذيقهم من كأس الاعتداءات التي تعرَّضوا لها من طرف أصحاب الأرض والجمهور، وسيجعلهم ضحايا لمُضايقات التونسيين.



"استفزازات ومُضايقات كثيرة تعرّضت لها البعثة المغربية بتونس منذ اليوم الأول لوصولنا، لقد كان مقامنا هناك بمثابة جحيم للاعبين والأطقم"، يقول الإطار الوطني، في تصريح إعلامي سابق، مُبرزاً أن "أشبال الأطلس" واجهوا اعتداءات من طرف الأمن التونسي الذي لم يتوانَ عن دخول الملعب ومُهاجمة اللاعبين.



ورغم ما وُوجه به المنتخب الوطني المغربي من كافة أشكال وضروب الضَّغط، تخلَّفت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن رفع شكوى إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وتظلُّم تُسلِّط فيه الضوء على ما ناله ممثلو الكرة المغربية من تضييق واستفزازات بالديار التونسية من طرف الأمن المحلي وكذلك لاعبي الخصم.


الجعواني بأنف مكسور يُجسِّد طبيعة العلاقة

لا يكاد يتوقَّفُ السِّجال بين المغرب وتونس، إلا ليُستأنف بحوادث جديدة ووقائع تُضفي عليه الاستمرارية، فقد تحولَّت الزيارة التي قام بها نادي إلى ملعب "رادس"، شهر مارس المنصرم، لمواجهة ، ضمن إياب الدور الثاني من كأس "الكاف"، إلى قِطعة من "العذاب" للفريق البرتقالي.


فضلاً عن المضايقات التي تعرّض لها الفريق الذي كان يمثل المغرب في ، نال المدرب منير الجعواني نصيبه من الاعتداء، إذ قام أفراد المُنافس بتكسير أنفه ما بين شوطيْ المقابلة، في النفق المؤدي إلى مستودع الملابس، ليضطر إلى الاشتغال في الجولة الثانية بضمادة على أنفه.



وفي هذا الصَّدد، يتحدث الإطار الوطني، في تصريح إعلامي سابق: "أتأسف لما حدث بين الشوطيْن، بعدما أقدم أحد الأشخاص على مهاجمتي وتكسير أنفي، إنني متأكد أن صاحب هذا السلوك لا يُمثِّل التونسيين، إن كرة القدم تُلعب فوق الميدان".


وتُعد هذه الواقعة حلقة من مسلسل العلاقة الكروية المتوترة بين الطرفيْن، والتي كان يعمد فيها التونسيين، في معظم الأحيان، إلى إشعالها وإيقاظ غليانها، بممارساتهم وسلوكاتهم التي يراها الكثيرون "مُشينة"، خاصة حينما يستقبلون خصومهم على أرضية ملعبهم، ويحظون بحماية من طرف رِجال الأمن.


واقعة الأمس تُكرِّس منطق الصِّراع

جاءت المُناوشات والاشتباكات التي شابت المقابلة التي جرت بين "أسود الأطلس" و"نسور قرطاج"، يوم أمس الثلاثاء، لتُكرِّس النَّفسَ النِّزاعي الذي يكتنف المواجهات الكروية بين البلديْن، والتي سَبِق استعراض بعض حلقاتها سلفاً، حيث يضطلع التونسيون بدورٍ هامٍ وأساسي وفق ما يعتبره المُتابعون في صبِّ الزَّيت على نار هذه العلاقة الثنائية.


المقابلة التي انتصر فيها رِجال المدرب الفرنسي بهدف للاعب يوسف النصيري، شكَّلت مسرحاً لأحداث غير رياضية بين لاعبي المنتخبيْن، بعدما انخرطوا في المُناوشات والتَّدافع بين بعضهم البعض، في الوقت الذي عانى فيه رِفاق من تطويق من طرف الجماهير التونسية، إذ وجدوا صعوبة في مغادرة الملعب.



وقد أقرَّت بعض المكونات التونسية بأن المنتخب الوطني قد أُسيء مُعاملته هناك، خاصة أن اللقاء يحمل نكهة وِدّيةً، و"الأسود" يحلون ضيوفاً على أشِقَّائهم، مثلما قال سامي الطرابلسي، المدرب السابق: "ما بدر من لاعبي المنتخب التونسي الذين يمثلون الوطن قبل أي شيء، هي تصرفات غير مقبولة، حسب رأيي كنا نلعب مع فريق شقيق وضيفنا في تونس قبل أي شيء وفي مباراة ودية".

عرض المحتوى حسب: