كرونو

أمين حاريت وحمزة منديل لاعبا شالكه04
أمين حاريت وحمزة منديل لاعبا شالكه04

مواهب مغربيةٌ تَقْتُلُ نفسها .. هل ينْهَضُ أحدٌ لنجَدَتِها وإيقاظها؟

أيوب رفيق (البطولة)

أن تحرز بضع خطوات إلى الأمام في مسارك الكروي، وأن تتسلق درجات معينة في سلم النجومية، لا يعني، بالضرورة، أنك قد بلغت أوج القمة وعنفوانها، ووصلت إلى المشهد الختامي من حكاية عنوانها النجاح. الفكرة قائمة على مدى شساعة أفقك، وما إن كنت دائم التعطش، أم قنوعاً بأهدافٍ محدودة لا تتعدى إنعاش الرصيد البنكي وبعض مظاهر الترف و"الثراء".


في الواقع، يجدر بنا الإقرار بأن الاتهامات الموجهة حصراً لفئة من لاعبي بكونهم يخفقون في أول اختبار مع "الشهرة" و"النجومية" هي اتهامات مجحفة وغير موسومة بالموضوعية والعدل. الصواب أن تشمل هذه النظرة حتى مجموعة من أولئك المغاربة، الذين رأوا النور، وترعرعوا، في القارة العجوز، وحظوا بأجود تكوين رياضي وتعليمي هناك، كي يصلوا إلى عالم الاحتراف، بدون أدنى مركب نقص، وبكامل الاستعداد والقابلية.



في صفوف "لاعبي المهجر" الذين يزاولون في الكرة ، طفت على السطح أسماء رسمت عن نفسها صورة سوداء، ونسجت مثالا في "اللا احترافية". بعضها كشفت وسائل إعلام عن إدمانها القمار، وأخرى صارت تتردد على الملاهي الليلية أكثر ربما من ارتيادها الملاعب، وفئة أخرى استطابت الكسل ولم تعد تأخذ مشوارها محمل الجد.


إن كنا نلتمس العذر ل"أبناء البطولة الوطنية"، ذلك أن أغلبهم بزادٍ تعليمي متواضع - وهذه الحقيقة لا مناص من نفيها-، فإن هامش الخطأ ينتفي أمام لاعبين احتكوا بالعقلية الأوروبية، منذ صباهم، واستفادوا من أفضل المراجع في التكوين، كما جاوروا جنبا إلى جنب نجوما حاليين، مثل كيليان مبابي وأسماء أخرى.


على الكثيرين أن يعوا أن الحذر يصير واجبا، بل وحتميا، كلما ساروا قدما في مسارهم، وأن امتلاك مئات الآلاف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي أو ضخ ملايين من اليوروهات في حساباتهم البنكية، لا يعفيهم من تَمَلُّك هاجس التطور والاستمرار في الاجتهاد والعمل المضني في سبيل معانقة الإنجازات.



التاريخ صارمٌ في ذاكرته، ولا يحفظ في طياته إلا من تحلى بالجدية اللازمة، والجوع المُتَّقِد في مراكمة النجاحات والإنجازات، أما من أصابته خطوات قصيرة يخالها صخمة بالتخمة والإشباع، فمصيره مضمون على هامش ذاكرة عشاق ومتابعي اللعبة.


التمتع ببعض الشعبية يستلزم من اللاعب تجسيد مثالٍ يحتذى به من طرف الناشئة، وتعبيد طريق الإلهام والحماس لمن سيأتون بعده، وليس الركض وراء النزولات وإطلاق العنان لإشباع الآهواء، دون حدودٍ فاصلة بين الغث والسمين، والصالح والطالح، وذلك حتى لا يسقط في دوامةٍ آخرها اجترار الندم والعض على النواجذ.


صحيح أن أكثر ما يُوحِّد هذه الفئة هي حداثة سنها وفتوتها، لكن مُهمة مرافقتها وتوجيهها منوطة إلى الأسر وكذلك وكلاء الأعمال، فصناعة نجم، في الوقت الراهن، يقتضي خليةً خلفه تشتغل على أدق التفاصيل المتعلقة به، وتولي أهمية للهوامش الدنيا، لأن المرء بمفرده من الصعب أن يصمد أمام أضواء الشهرة والضغوطات دون من يُعينه على ذلك. 

عرض المحتوى حسب: