كرونو

من مباراة المغرب والأرجنتين
من مباراة المغرب والأرجنتين

لقاء الأرجنتين .. هل نَستخْلِصُ الدُّروس أم نَتجَاهَلُ الوَاقِعَ؟

أيوب رفيق (البطولة)

إذا كانت مباراة و هزيلة فنيا، ومُفلسة تقنياً، ولا يستحق لاعبوها أن يستأثروا بأي ثناء قياساً إلى ما صنعوه على البِساط الأخضر، فإنها رغم ذلك، تظل مليئة بالاستنتاجات، وحَافلة بالقراءات التي يُمكن لها أن تقدِّم لنا صورة مُختزلة عن المُقاربة التي تُدار بها الكرة المغربية، وكيف تتحرَّكُ، وبأي منطقٍ.


شاء القدر أن تتحوَّل موقعة "ابن بطوطة" الوِدِّية من حدثٍ كان ينتظره الكثيرون بكل شغَفٍ، إلى أُمسية تفتقد لكل أركان وتوابل المُتعة، وتحضر فيها مشاهدَ قاتمةٍ، لتُهدر بذلك كُرتنا فُرصة مِثالية لتسويق نفسها على الصعيد التنظيمي، وكذلك للاستفادة والاحتكاك والرَّفع من الجاهزية في الشِّق الفني.


النِّزال الذي دار بين رفاق وزملاء عرَّى عيوب "الملعب الكبير" لمدينة طنجة، وجاء ليُنبِّهنا إلى أن هذا المرفق الذي وصفه البعض بـ"التُّحفة الفنية" و"الصَّرح الرياضي" مُغالاةً ومُبالغةً، يشكو العديد من الأعطاب، رغم الغلاف المالي الذي رُصد لتشييده وتدشينه سنة 2011، باعتباره من الأوراش الرياضية الكبرى التي كان يُراهن عليها المسؤولون لاستضافة أحداث قارية ودولية كبرى.


لقد كانت الرِّياح التي هبَّت على "مدينة البوغاز" كافية لتُبلغنا أن هناك حلقة مفقودة في الاشتغال على البنيات التحتية داخل البلد، وتؤشِّر على أن العملية التي يجري اعتمادها في تدبير المرافق الرياضية تشوبها الكثير من العيوب، والمُتمثِّلة أساساً في عدم إعمال مبادئ الشَّفافية و"لا استحضار" الضمير في أداء الواجب المهني.


المواجهة التي غلب عليها التوتر والاحتقان بين اللاعبين داخل رقعة الميدان لم تُصدِّر رسائل سلبية فقط حول الملعب الواقع بـ"عروسة الشمال"، بل رسمت كذلك صورة حالكة عن قُدراتنا التنظيمية للأحداث المتوسطة أو الكبرى.


إنَّ الأطراف التي يُعهد إليها بالسَّهر على الجوانب التنظيمية قبل وأثناء وعقب المقابلة، سواء في الجانب المُرتبط بالمراقبة أو الإرشاد أو الزَّجر، تبدو غير قادرة على الاضطلاع بمهامها بانسيابية وسلاسة، وهي التي لا تؤمن أو تفتقد لبيداغوجية تُمكِّنها من تواصل مُثمر وناجع وبدون تداعيات سلبية مع المكونات الأخرى.


ومثلما خابت آمال العديدين من الذين حضروا إلى الملعب لمشاهدة المقابلة، إثر ما عانوه في عملية الدخول، لم تخرج الجماهير التي شاهدت أطوار اللقاء راضية عما تابعته على المستطيل الأخضر، وكيف أنها سقطت ضحيةً للملل أثناء سيْر المواجهة، حتى أن البعض منها لجأ إلى تزجية الوقت بالعبث على هاتفه والاستمتاع بتطبيقات الألعاب.


ما عرفته مجريات المقابلة لم يخرج عن نِطاق الالتحامات البدنية والشنَّآن المجاني بين اللاعبين، في مباراة وُصفت بأنها "معركة لكسر العِظام" بين أفراد الكتيبتيْن المغربية والأرجنتينية، والذين قاموا بكل شيء سوى تقديم كرة جميلة بفنيات ترتقي إلى التطلعات، وتُمتع الأنصار الذين تكبَّدوا عناء التوافد على الملعب.


حتى الناخب الوطني، ، بدوره، اعترف بأن اللقاء لم يكن مُثمراً، ولا استفاد منه أي شيء على مستوى الخلاصات والاستنتاجات، وهو ما يُسائل المعايير التي احتكمت إليها جامعة الكرة و"الثَّعلب" أيضاً في اختيار الأرجنتين كخصم في إطار ودي، قبل ثلاثة أشهر فقط عن دخول غمار نهائيات 2019، المُزمع إقامتها بمصر.


ما يبعث على التوجُّس ويُثير بعض الخشية هو أن تمرُّ كل النِّقاط القاتمة التي سُجِّلت في اللقاء وعلى هامشه دون أن تُحرِّك أي فردٍ أو جهة مسؤولة، وتدفعها إلى الإسراع لمعالجة ما يُمكن معالجته، والاعتماد على القراءات المُستخلصة من هذه المباراة في اسْتِشرافٍ أفضل للمستقبل واستعدادٍ أمثل له وما يحمله من استحقاقات. 

عرض المحتوى حسب: