كرونو

None

"الحاجة أُمُّ الاختراع" .. جائحة "كورونا" تُبرز روح الابتكار وحِسّ المواطنة لدى المغاربة

أيقظت جائحة "كورونا" التي تجثمُ على مُعظم بلدان العالم رُوح المُبادرة والخَلق والإبداع لدى المغاربة، وبعَثَت فيهم الحماس والحافز للابتكار، مُنصهرين بذلك في بوتقة المجتمع الذي يبدو مُتجنِّداً بكامل أطيافه وفئاته للتصدي لفيروس "كوفيد19"، وتجاوز تداعياته وآثاره على مجالات شتَّى، من بينها القطاع الاقتصادي والخدماتي.


وفي سبيل تعزيز الجانب اللوجيستيكي وتقوية العِتاد الطِّبي للاستجابة إلى الرِّهانات والتحديات التي يطرحها وباء "كورونا"، من ضغطٍ على ميدان الصِّحة وحاجةٍ مُلِحّةٍ إلى التجهيزات والمُعدات وكذا كفاية العُنصر البشري، بدأت مُبادرات الاختراع من طرف المغاربة تتناسَلُ وتتعاقب، كلٌّ في مجالِ تخصُّصِه، ووفق الإمكانيات الذَّاتية المُتوفِّرة.





من نَسْجِ "كمَّامات" ووَهْبِها إلى المشتغلين في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس، على غرار الأطر الطبية ورجال الأمن والسلطة، إلى تصميم وتصنيع أجهزة تُعين وتُساعد على التنفس لمقاومة مرض "السَّاعة"، يَنْزِل حسّ الإبداع ممزوجاً بروح التَّضامن والتكَّافل بكل ثِقله على المشهد الوطني في المرحلة الرَّاهنة.


ابْتِكارات أجهزة لقياس درجة الحرارة والتنفس الاصطناعي


دفعت حاجة المغرب الشَّديدة لبعض المُعدات الحيوية في المعركة ضد وباء "كورونا" باحثين إلى الاشتغال على جهازٍ لقياس الحرارة يُساعد على تبيُّن درجة حرارة الجسم، بواسطة "الأشعة تحت الحمراء"، كمؤشِّرٍ بإمكانه رصد الحالات المُشتبه في إصابتها بـ"كوفيد19"، ذلك أن من بين أعراض المرض ارتفاع الحرارة.


كما عَمِد الفريق الذي يتكوَّن من 20 باحثاً ومهندساً مغربياً إلى ابتكار آلة تُعينُ على التنفس الاصطناعي، له القدرة على العمل لمدة 3 آلاف ساعة بدون توقُّف.

وعرض الباحثون هذيْن الجهازيْن على وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وقد قُوبلا بتأييد الوزارة الوصية، في أفق اعتمادهما داخل المصالح الطبية الوطنية المختصة.





وعلى ذات المِنوال، سار مُبتكرون يعملون في "المكتب الشريف للفوسفاط" بمدينة خريبكة، بتطويرهم لقناعٍ واقٍ خِدمةً للأطباء والممرضين الذين يتواجدون على مرمى حجر من الوباء داخل المستشفيات، إضافة إلى صُنع جهاز للتنفس الاصطناعي بوسعه مدّ مريضيْن في الوقت نفسه بـ"الأوكسيجين".


وتنكبُّ مجموعات أخرى على البحث عن سُبُل لتلبية الحاجيات التي يفرضها فيروس "كورونا" من تجهيزات ومُعِدَّات وموارد بشرية، بغية تقوية قُدرات المملكة في مواجهة الوباء والتعامل معه على النحو الأمثل، بتقليص حالات الإصابة وتأمين خدمات صحية جيدة لها.


مُبادرات تطوعية بِدافع "روح المواطنة" وحِسّ التضحية


لم تَحُلِ "العطالة" وقِلّة ذات اليد دون انخراط رفيق حمدوني في الحركة التّضامنية التي طفت على سطح المجتمع المغربي لمواجهة انعكاسات وباء "كورونا"، فالشاب القاطن بمدينة الحسيمة تطوَّع، بمساعدة زوجته، لتصنيع "كمَّامات"، وتوزيعها مجَّاناً على نزلاء دور العجزة بالمنطقة التي يُقيم بها.





ويحرص الشاب المغربي على التردُّد على إحدى دور العجزة بالحسيمة كل أربعة أيام، لتزويد هذه الفئة بكمامات جديدة، كما يغتنم الفرصة لمحادثتهم ومُحاولة توعيتهم وتحسيسهم بضرورة التقيُّد والالتزام بكافة الإرشادات والتوجيهات المُعلنة من طرف السلطات المختصة، واتخاذ جميع الاحتياطات وتوخي الحذر لاتقاء شر الوباء.


يقول رفيق حمدوني في حديثه إلى "وكالة المغرب العربي للأنباء": "وجدت يد العون من زوجتي التي تُساعدني على تصنيع الكمامات وتعقيمها ثم توزيعها على المسنين. سنستمر في هذه المبادرة إلى غاية نهاية فترة الحجر الصحي، إن دافعي إنساني محض، رغم ظروفي الاجتماعية الصَّعبة".


"الحس المواطناتي" للمغاربة على رادار وسائل إعلام أجنبية


استأثرت المبادرات التي قام بها فاعلون مغاربة ومتطوعون باهتمام الإعلام الأجنبي، حيث أنجزت قناة "tv5" الفرنسية روبورتاجاً عن أربعة شباب يكِدُّون ليل نهار من أجل تصنيع كمامات بلاستيكية وتوفيرها لمن هم في حاجة إليها، في سبيل الوقاية من فيروس "كورونا"، وتقترب هذه الخلية من بلوغ 2000 وحدة من الكمامات في الساعات القليلة المقبلة.






كما ألقت ذات القناة الضوء على محمد، طالب باحث في كلية العلوم والتقنيات بمدينة طنجة، ويتمركز عمله في صناعة القطع الخاصة بابتكار أجهزة التنفس الاصطناعي، ويسعى للاهتداء إلى منتوج قادر على سد بعض الفراغ الحاصل في التجهيزات الطبية خلال جائحة "كورونا".


وأظهرت الأزمة الصحية التي أحدثها فيروس "كوفيد19" الحِسَّ التضامني للمغاربة وأبرزت المَلكَة الإبداعية للكثيرين، والتي تفتَّقت عن منتوجات هدفها إنساني خالص، وغايتها تعضيد إمكانيات المصالح الطبية المختصة من أجل مكافحة الوباء والحد من رقعته.

عرض المحتوى حسب: