كرونو

الراحل سعيد بلقولة في نهائي مونديال 1998
الراحل سعيد بلقولة في نهائي مونديال 1998

التحكيم .. وبداية الإصلاح

 أحمد اجديرة (البطولة)

 "أخطاء الحكام جزء لا يتجزأ من اللعبة " قالها جوزيف بلاتر رئيس الفيفا لينهي الجدل الدائر حول التحكيم. لكن في بلادنا، ظلت أصوات الجمهور و المدربين واللاعبين ومسئولي الأندية تعلو بالشكوى من الحكام وأخطائهم لمواسم عديدة وظلت معها نقط الاستفهام وعلامات التشكيك تطوق الممارسة الكروية من كل الجهات. بالطبع يمكن للحكام أن يخطئوا، كما يمكن أن يخونهم سوء التقدير، وكل ذلك يدخل في خانة الهفوات العابرة التي يقوم بها كل حكام كرة القدم في العالم. لكن ما حصل في مجموعة من المقابلات خلال المواسم القليلة الماضية بقسمي النخبة، أساء كثيرا إلى صورة التحكيم المغربي وإلى وضعه الاعتباري في المنظومة الكروية الوطنية.

صحيح أن الإرث ثقيل والأزمة الحالية هي نتيجة لمجموعة من التراكمات السلبية لسنوات مضت، حيث لجأ المسؤولون  السابقون على القطاع لمدة طويلة إلى حلول ترقيعية لا تسمن و لا تغني من جوع في غياب تصور شامل كان بإمكانه أن يوقف نزيف التراجع و يجنب الكرة الوطنية المأزق الحالي. الجامعة الوصية الحالية لامست خطورة الوضع من خلال التحكيم الكارثي لبعض مباريات الشطر الأول من بطولة هذا الموسم حيث كان الجمهور شاهدا على عدم تحقيق العدالة داخل البساط الأخضر بقرارات خاطئة لبعض الحكام تسببت في أن تفوز بعض الفرق بثلاث نقاط دون استحقاق و أن تخسر فرق آخرى ثلاث نقاط ظلما من خلال أخطاء تحكيمية كانت ظاهرة للجميع، فكان خروجها الإعلامي خلال مرحلة التوقف الأخيرة في شخص رئيسها للتواصل حول الموضوع بالإضافة إلى الاجتماع الذي عقده هذا الأخير مع أعضاء المديرية الوطنية للتحكيم و حكام النخبة و الذي خرج بقرارات تصب في الاتجاه الصحيح على المديين القصير والمتوسط خصوصا و أن مصداقية احترافنا الكروي كانت تفرض مثل هذا التدخل ذو الطابع الاستعجالي لمواجهة الوضعية الحالية. و يبقى أهم هذه القرارات هو إعادة الإعتبار لمراقبي المبارايات و التأكيد على أهمية سلطتهم الرقابية فمراقب المباراة له دورا محوري في تحديد الأخطاء وكشفها حتى يتسنى للحكام اصلاح أخطائهم، ثم لأن السكوت على الخطأ هو الخطأ الأكبر فلا يمكن أن تنجح مسابقة ما دون أن تكون كل أطرافها على نفس المستوى من الإحترافية. لكن القرارات التي اتخدت لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعفي من التهييء لإصلاح شامل على المدى الطويل بالإمكان التأسيس له من خلال توصيات يوم دراسي تنظمه الجامعة الوصية بمشاركة جميع الفاعلين في المجال الكروي. فانتهاء المرحة الانتقالية الحالية لاحترافنا الكروي سيفرض التوفر على حكام محترفين و متفرغين لصافرتهم ذهنيا ومعنويا ونفسيا وبدنيا حتى يكون عطائهم أكثر فعالية. و إذا كان التدبير التشاركي هو الأمثل بالنسبة لملف الإصلاح الشامل فهذا الأخير يجب أن يرتكز على أربعة مبادئ أساسية لا محيد عنها :
ـ استقلالية مديرية التحكيم التامة عن الجهاز الجامعي
ـ التكوين الحديث و المستمر
ـ الشفافية والوضوح في المراقبة و في التدرج عبر سلم الارتقاء
ـ إعطاء الحكم مكانته الطبيعية كرقم أساسي في المعادلة الكروية 
احترام هذه المبادئ و تدبير الإصلاح الشامل بطريقة تشاركية سيمكنان من معالجة وضع صعب لكن غير ميؤوس منه و بالتالي من إعادة القاطرة إلى السكة الصحيحة، خاصة وأننا تتوفر على الرأسمال البشري الضروري لذلك فقد سبق لنا تشريف افريقيا عبر إدارة المرحوم بقولة لنهاية مونديال سنة98 و أنجبت بلادنا حكاما من طراز الزياني، البوكيلي لاراش، الناصري، العرجون و الكزاز. في هذا الباب  يمكن دراسة فكرة مهمة، فالمعروف أن اللاعب المغربي يتوقف عن اللعب (على أكثر تقدير) وهو في سن 35 عاما ولا يتم الاستفادة منه في أغلب الأحيان، و بالتالي لم لا يتم إعادة تأهيل هؤلاء اللاعبين الخام واختيارهم بدقة وعناية وتشجيعهم في الانضمام إلى سلك التحكيم بعد تدريبهم وتأهيلهم وفق الآلية والمنهجية المتبعة في عالم التحكيم، وبهذا نضمن أن حكام المستقبل يجمعون الممارسة المهنية والحس الفني والخبرة الميدانية التي تمكنهم من التعامل مع الأحداث في ميدان المنافسة بكل نجاح. الإصلاح يفرض كذلك دعم وتعزيز مديرية التحكيم بالكوادر المتخصصة والخبرات الكبيرة سواء المحلية أو الأجنبية وفتح مجال الدورات التدريبية الخارجية، ونحن نعيش في حقبة العولمة الكروية، لحكامنا لأن أساليب وطرق التحكيم ومنهجيته الفنية والقانونية تتطور يوما بعد يوم.

الدفع بعجلة الإصلاح إلى الأمام يتطلب أخذ الأمور بنوع من الحسم والحزم والشجاعة من طرف مسؤولي اللجنة المركزية والمديرية وذلك بضخ دماء جديدة و تكوين كوادر شابة  قادرة على حمل المشعل ، من اجل الرفع من مستوى التحكيم المغربي ، خاصة و أن غياب حكام الوسط المغاربة عن كؤوس العالم، يعتبر بمثابة بطاقة صفراء من طرف الفيفا للتحكيم المغربي.

عرض المحتوى حسب: