كرونو

هيلينا كوستا
هيلينا كوستا

تقرير خاص | هيلينا.. المرأة التي اخترقت أصعب المهن الذكورية بكرة القدم

كتابة وإعداد | محمود علي

 

يقولون إن المرأة نصف المجتمع فقط مع أنها أساس قيامه، فهي المُحرك الرئيسي لعجلة الحياة، وهي العامل المُشترك في كل قصة نجاح، والكائن الذي لا يستعصى دوراً عليه في الحياة، فـ بإمكانها أن تلعب كل الأدوار، وتنجح فيها جميعاً إن شاءت.

 

كثيرون من الرجال يقولون ولا يفعلون، فـ بنو جنسي أساتذة في إطلاق الأقوال والمواعظ والحكم والأمنيات الجميلة، لكن الجنس الأنثوي وإن كان جسدياً أضعف منّا، إلا أنه يملك مخزوناً هائلاً من الإرادة التي تجعله لا يقل صلابةً عن الذكور في أمور كثيرة يُفاجئنا من خلالها أحياناً أنه على أتم الاستعداد لمشاركتنا أي شيء نظنه حكراً علينا، على غرار كرة القدم.

 

هيلينا كوستا، هي نموذج بارز من ضمن النماذج الأنثوية التي نجحت في اختراق كرة القدم الذكورية، ولم تكتفـ كغيرها من النساء بدخول كرة القدم من بابها الأنثوي، أو طرق بابها الذكوري على استحياء في صورة حكمة مساعدة أو حكمة ساحة للتجربة في الدوريات الأدنى، فقررت أن تقتحم عالم المهنة الأصعب، وهو عالم التدريب للرجال، وتضع بصمة تاريخية لها بداخله.

 

اسمها بالكامل، هيلينا مارجريدا دوس سانتوس كوستا، وُلدت في مدينة ألياندرا بالقرب من العاصمة البرتغالية لشبونة، في 15 ابريل من عام 1978.

 

مارست كرة القدم كهواية في صغرها، لكنها لم تستمر طويلاً، فقررت أن تسلك المسلك التدريبي بشكل احترافي منذ الـ19 عاماً من عمرها، فبدأت منذ عام 1997 تشق طريقها نحو ذلك، ونجحت في تحقيق ما سعت لـأجله عام 2010، بالحصول على شهادة "الماجستير" في العلوم الرياضية وكذلك على رخصة تدريب من الاتحاد الأوروبي.

 

بدأت هيلينا مشوارها التدريبي في نادي بنفيكا أثناء دراستها، وعملت في مناصب مُتدرجة بفريق الشباب بالنادي منذ عام 1998 حتى تولت الإدارة الفنية للفريق عام 2002، ونجحت في عام 2005 في قيادته لـاحتلال المركز الثاني بالدوري البرتغالي للشباب. 

 

وفي عام 2006 تولت هيلينا المسؤولية الفنية لفريق تشيليرينسي للشباب بالدرجة الثانية في العاصمة البرتغالية، وقادته للفوز ببطولة لشبونة في نفس العام، وذلك قبل أن تتجه في عام 2007 لتدريب فريق السيدات الأول بنادي ديزيمبرو الذي عملت معه حتى عام 2009 وفازت معه بلقبين للدوري في عامي 2007 و2008، ومنه اتجهت صوب فريق السيدات الأول بنادي أوديفلاس بالدرجة الثانية، الذي عملت معه في الفترة من 2008 وحتى 2011 وصعدت به إلى الدرجة الأولى، وفي الفترة هذه كُلفت أيضاً بالعمل كـ كشافة للمواهب لصالح نادي سلتيك الاسكتلندي بالبرتغال وإسبانيا، لكنها تركت منصبها بعد فترة قصيرة.

 

إذ أنها انتقلت للعمل إلى مستويات أعلى، ففي عام 2010 تولت المسؤولية الفنية للمنتخب القطري للسيدات، ونجحت آنذاك في تسجيل بصمة تاريخية معه، بعد أن قادته لتحقيق أول فوز في تاريخه على الإطلاق على حساب منتخب جزر المالديف ودياً في 22-4-2012، استعداداً لبطولة غرب آسيا للسيدات التي خاضتها معه، قبل أن تُقرر في نفس العام الرحيل صوب إيران لتولي مسؤولية منتخبها النسوي أيضاً الذي بقيت معه حتى مطلع عام 2014.

 

لكنها في صيف عام 2014 عادت من جديد للعمل التدريبي للرجال كما استهلت مسيرتها ولكن هذه المرة على مستوى الأكابر، وتولت المسؤولية الفنية لفريق الأول لرجال فريق كليرمونت الفرنسي بدوري الدرجة الثانية في 7-5-2014، لتُصبح أول مدربة في فرنسا تقود فريقاً للرجال، وثاني مدربة في العالم بعد الإيطالية كارولينا موراتسي التي درّبت فريق فيتربيسي الذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة الإيطالية في عام 1999، قبل أن تستقيل بعد مباراتين فقط، بداعي تعرضها لضغوط إعلامية.


أحدثت السيدة التي تبلغ من العمر 40 عاماً ضجة كبيرة في فرنسا آنذاك، واجتذبت تجربتها الفريدة أنظار الشعب الفرنسي بل والعالم أجمع، ما جعل الوزيرة الفرنسية ذات الأصول المغاربية، نجاة بلقاسم، تُهنئها شخصياً على حسابها الرسمي على "تويتر" وتُهنيء ناديها بتعيينها ومنحه فرصة للمرأة لـإثبات الذات في عالم كرة القدم الذكورية للمحترفيين.

ورغم ذلك، لم تدم تجربة هيلينا مع كليرمونت طويلاً، بعد أن قررت تقديم استقالتها بكبرياء، بسبب قيام إدارة النادي بالتعاقد مع لاعبين دون الحصول على إذن منها، ورغم محاولاتهم لإعادتها مُجدداً، إلا أنها لم تعدل عن قرارها.

 

 لكنها أضاءت طريقاً كان مظلماً، للعديد من السيدات اللاتي مارسن كرة القدم صمتاً وحلمن يوماً باختراقها جهراً من خلال عالم التدريب الذكوري، وهو ما ترّجمه سريعاً قرار النادي الفرنسي بإسناد المهمة لسيدة أيضاً، وكانت كورين دياكر، اللاعبة السابقة للمنتخب الفرنسي، التي أكملت الموسم مع الفريق.

عرض المحتوى حسب: