كرونو

ثلاثي دورتموند ( غوتزه سابقا ) الذي يساوي الكثير في بورصة اللاعبين
ثلاثي دورتموند ( غوتزه سابقا ) الذي يساوي الكثير في بورصة اللاعبين

الأندية الأكثر دهاء في الإنتدابات

إعداد : أيوب رفيق ( البطولة ) 

كانت و لازالت ، للإنتدابات التي تُقدم عليها أندية كرة القدم أهمية قصوى في قياس مستواياتها و تحديد نتائجها في بؤرة المنافسات المحلية و القارية ، لذلك أصبحنا نُطالع على مدار اليوم و الساعة مُستجدات و إشاعات عن إمكانية انتقال هذا اللاعب أو ذاك للنوادي الكبيرة التي يترقب جماهيرها بفارغ الصبر فتح أبواب الميركاتو " سوق الإنتقالات " لاستقبال النجوم و اقتناص المواهب .

 

بيد أنه و ضع لا ينطبق على جميع الأندية ، فصحيح أن هناك أندية عريقة و زاخرة بالإمكانيات المادية التي تُتيح لها انتداب مواهب كروية ناضجة على قدر كبيرة من الشهرة ، و هذا ما قد يسمح لها بحصد شعبية مُحترمة بغض النظر عن نتائجها و تاريخها . لكن في الجهة المقابلة تنتصب أندية تجمعها بالصفقات الرابحة و اللاعبين المتميزين و المغمورين علاقة فطرية بعيون كشافيها الثاقبة و انضباط إدارييها المُحكم الذي لا يدع المجال لهفوات كثيرة فيما يخص الإنتدابات .

 

هذه الطينة من الأندية التي بدأت في الظهور بشكل كثيف في العشرية الأخيرة ، طفت على السطح بعد تألقها المُلفت في الإستحقاقات المحلية و القارية على السواء ، متُقمصة جبة الحصان الأسود و المفاجأة السارة في معظم البطولات التي تمر منها ، بفضل لاعبيها المُتميزين الذين يستأثرون فيما بعد باهتمام الأندية ، مُساهمين في إشعال فتيل الصراعات الحارقة خلال الميركاتو بين الفرق الكبيرة على ضمهم فيما تُشبه نزالات المستطيل الأخضر . و لأنها أندية بميزانيات صغيرة و عقول حكيمة استطاعت زعزعة كيان القوى التقليدية للكرة العالمية ، فسنسلط الضوء على أكثرها ذكاء و تمرسا من حيث الصفقات التي تُقبل على حسمها كل شتاء و صيف .

 

 

 

تخطيط ألماني مُحكم أجهز على كبار القارة

 

بقوانين صارمة و تدابير مُحكمة ، صمم نادي الألماني  على مصالحة الألقاب و الإنجازات و العودة إلى درب التألق و البروز لاستحضار فترة التسعينيات الذهبية و الحبلى بالتتويجات التي ظفر خلالها نادي الفيستاليستا بقيادة المدرب المُقتدر أوتمار هيتسفيلد بسنة 1995 و فجر مفاجأة من العيار الثقيل سنة 1997 بمعانقته لقب عقب فوزه على بثلاثة أهداف لهدف .

 

ومن جُملة هذه القوانين التي سنها أسطورة النادي الأصفر و الأسود و  مديره الرياضي الحالي مايكل زورك قبل خمس سنوات ، عدم تجاوز سقف مُعين للأجور و التعاقدات و الإعتماد على الطاقات الشابة و مرافقتها حتى تصل لقمة التألق ، و بذلك استهل النادي رحلته سنة 2008 بمبلغ استثماري لا يتجاوز 38 مليون يورو ، باستقطاب لاعبين بتكلفة رخيصة و أداء ملفت عملا بالشعار القائل " قيمة اللاعب لا تُقاس بسعره الباهض " .

 

عقب استيعاب إدارة النادي للإستراتيجية التي حملها زورك ، انهمكت الإدارة التقنية في إبرام التعاقدات واستقطاب لاعبين وفق شروط صارمة أهمها عدم تجاوز القيمة المادية للصفقات 5 ملايين ، و تم التدشين عبر قائد العارضة الفنية الذي لم يكن سوى المدرب الألماني ، ليتم بعدها انتداب لاعبين أصبحوا يساوون عشرات الملايين حاليا كالمهاجم البولندي  الذي انتقل  صيف 2010 بما لا يفوق 4 ملايين و نصف المليون يورو من نادي ، و المدافع الألماني الصلب الذي حط الرحال بملعب سيجنال إيدونا بارك بمبلغ لا يتعدى 4 ملايين يورو ، علاوة على الإستعانة بلاعبي مدرسة النادي التي تُعد من أهم المدارس في القارة العجوز ، حيث صنفها الإتحاد الأوربي لكرة القدم ضمن أفضل الأكاديميات في أوربا إلى جانب ، ، و ، مما يُفسر تألق الظهير الأيسر و توهج إسم صانع الألعاب  المُنتقل حديثا ل.

 

و كما كان مُتوقعا بالنسبة لمكونات النادي ، فالإنتدابات المدروسة التي انكب على إجراءها إداريو بوروسيا مُنذ سنة 2008 ، أعطت أُكلها السحري و أثبتت نجاعتها ، حيث عاد بفضلها النادي إلى سكة الإنجازات بانقضاضه على درع الدوري الألماني موسمي 2010 /  2011 ، 2011 / 2012 ، بالإضافة إلى كأس ألمانيا سنة 2012 ، مُكسرا بالتالي الهيمنة البافارية الطاغية على أجواء الكرة الألمانية ، قبل أن ينتقل إلى الساحة الأوربية بوصوله إلى نهائي دوري أبطال أوربا هذا الموسم .  

 

و مع حصد الألقاب و مراكمة الإنجازات ، أخذت أسهم النادي ترتفع بفضل لاعبيه الذين أخذوا لهم مكانا في أذهان المناصرين و الأندية على السواء ، فأضحوا على سيرة الألسن و صفحات الجرائد ، و صارت أسماءهم تقترن بعشرات الملايين و بأعتى الأندية الأوربية ، انطلاقا من إبن النادي ماريو غوتزه الذي انتقل إلى النادي البافاري بأكثر من 37 مليون يورو ، و تعريجا على البولندي ليفاندوفسكي المطلوب في أندية رِيال مدريد و برشلونة و غيرهما ، إضافة إلى الألماني الشاب الذي شكل الإستثناء بانتقاله الصيف الماضي بأكثر من 17 مليون يورو من نادي ، لكن بعد أن استقرت الأوضاع المالية للنادي . نموذج بوروسيا دورتموند يُشكل بكل تأكيد مثالا للحكامة الجيدة و التخطيط المُحكم الذي بإمكانه نقل الأندية إلى مصاف الكبار و عداد البارزين .

 

ناد برتغالي بصبغة لاتينية

 

على نقيض الأندية الأخرى ، شكلت الإنتدابات بالنسبة لناديالبرتغالي صنبورا للإيرادات الضخمة و مصدرا للمداخيل التي تستند إليها ميزانية النادي بشكل كبير ، بتسريحه خلال كل ميركاتو للاعب أو لاعبين بعشرات الملايين ، و هو ما اشتهر به زعيم الأندية البرتغالية في السنوات الأخيرة و بالضبط منذ حقبة التي عرفت بروز جملة من اللاعبين الذين حققوا ثنائية تاريخية سنة 2004 و من تم انتقلوا إلى أندية أخرى بأموال طائلة من قبيل البرتغالي الجنسية و البرازيلي الأصل الذي حلق إلى برشلونة ، علاوة على اللاعبين الذين ذهبوا رفقة السبيشل وان إلى ك و .

 

و لعل أهم ما استفاد منه النادي البرتغالي في صفقاته هو سهولة اندماج لاعبي أمريكا الجنوبية في المجتمع البرتغالي بحكم الروابط اللغوية و التاريخية ، إضافة إلى مؤهلاتهم الكروية الكبيرة ، الأمر الذي أدى به لإبرام مُعظم الصفقات من أمريكا اللاتينية و بلاد السامبا بشكل خاص ، إذ أن أغلب اللاعبين الذي اشتهر بهم النادي كانوا ينحدرون من هذه القارة ، أمثال الأرجنتيني المُنتقل إلى ليون بحوالي 18 مليون يورو ، الكولومبي الذي ذهب إلى بصفقة ضخمة بلغت قيمتها المالية 40 مليون يورو ، بالإضافة إلى البرازيلي الذي انتقل إلى الروسي بأكثر من 50 مليون يورو ، هذا دون الرجوع إلى صفقات أخرى استخلص هي الأخرى من وراءها النادي البرتغالي سيولة مادية ضخمة .

 

لكن نجاح بطل الدوري البرتغالي للموسم المنصرم في التعاقدات طيلة العقد الأخير ، لا يُمكن نسبه بالأساس إلى كون الدوريات اللاتينية هي مصدره الأساسي لاقتناص اللاعبين ، بل الأكيد أن هناك استراتيجية مبنية على أسس تقف وراء هذا التفوق المُنقطع النظير ، لتٌفرز لنا في أخر المطاف ناديا يحصد من وراء لاعبيه الألقاب و الأموال الطائلة .   

 

صفقات رابحة أعادت نابولي إلى الواجهة

 

استعراض أهم الأندية نجاحا في استقطاب اللاعبين ، لا يُمكن أن يمر دون استحضار نادي الإيطالي الذي بات من أهم أغلى الأندية الإيطالية من حيث قيمة لاعبيه ، باصطفافه في المرتبة الثانية ب 216 مليون يورو ، مُـتخلفا عن نادي المُتربع على الصدارة ب 323 مليون يورو ، و هو دليل قاطع على وزن العتاد البشري للنادي السماوي المُنبثق من دهاء إدارييه بقيادة الرئيس أوريليو دي لاورانتيس في إبرام الصفقات و انتداب اللاعبين الصاعدين و المغمورين .

 

النادي الإيطالي المُحتل للصف الثاني في سلم ترتيب الموسم المُنقضي حديثا ، يُعتبر جسرا لثلة من اللاعبين الذين صنعوا لهم إسما من ذهب في الساحة الأوربية و العالمية ، من قبيل رمز الدفاع الإيطالي الذي رحل عن النادي سنة 1995 متوجها صوب نادي ، قبل أن يكرس نجوميته رفقة أندية أخرى أمثال يوفنتوس و رِيال مدريد الإسباني ، و الهداف الأرجنتيني الذي انتقل الصيف الماضي إلى بأكثر من 26 مليون يورو .

 

و على خطى كانافارو و لافيتزي ، يتأهب لاعبون آخرون مغادرة النادي خلال هذا الميركاتو ، في ظل الطلب المتزايد على خدماتهم من أبرز الأندية الأوربية و العالمية ، و على رأسهم الماتادور القادم من صيف 2010 و الذي يُقدر سعره حاليا ب 55 مليون يورو كأغلى لاعب في ناديه ، متبوعا بالسلوفاكي مارك هامسيك المطلوب في العديد من الأندية و الذي تبلغ قيمتها المادية 32 مليون يورو  بعد ست سنوات من وصوله للنادي السماوي قادما من نادي . في انتظار توجه الأنظار إلى شباب أخرين ينهلون الخبرة و التمرس حاليا ، و الحديث هنا عن الإيطالي لورنزو إنسينيي و المغربي عمر القادروي الذي قدم في المباريات الأخيرة للموسم أوراق اعتماده و مؤشرات تشي بأن مستقبلا زاهرا ينتظره ، كما ينتظره ناديه إذا ما سار على ذات النهج و بنفس الخطى . 

عرض المحتوى حسب: