كرونو

دحان رفقة بيكنباور
دحان رفقة بيكنباور

نجم من الزمان الجميل .. دحان الموهبة الفذة

أحمد اجديرة (البطولة)

تحتفظ الذاكرة الكروية الوطنية بأسماء ارتبطت دوما بالأندية التي لعبت لها وبصمت على صولات وجولات منحت لبطولتنا الوطنية مستويات رائعة، واختيارنا لسعد دحان لم يكن اعتباطيا، فابن حي" ديور الجامع "، نجم كروي لامع في سماء كرة القدم المغربية، ارتبط اسمه بالعطاء المتواصل لأكثر من ثلاثة عشر سنة داخل فريق الجيش الملكي مما منحه تقدير واحترام جماهير العاصمة.

 بدأ سعد دحان، الذي رأى النور بمدينة الرباط يوم 18 فبراير من سنة 1958، قصته مع كرة القدم من ملعب " با علال " بحي" ديور الجامع " الذي أعطى العديد من النجوم لفرق العاصمة ثم بملاعب الأحياء ببني ملال التي قضى بها مرحلة التعليم الابتدائي. عند رجوعه إلى مدينة الرباط التحق بفتيان فريق المغرب الرباطي و كان يجري مع نهاية كل أسبوع مباريات الفئة التي ينتمي إليها بالإضافة إلى مباريات الشبان و الكبار. ولاحظ الإطار الوطني جبران، الذي كان يشرف على الإدارة التقنية لفريق الفتح الرباطي خلال مقابلة ودية جمعته بفريق المغرب الرباطي استعدادا للموسم الرياضي 76-77، إمكانيات سعد التقنية التي تسمح له باللعب لأكبر الفرق ببلادنا فطلب من مسيري الفتح جلبه في اقرب الآجال لكي يلتحق باستعدادات الفريق الرباطي. في انتظار إيجاد اتفاق بين مسؤولي الفريقين، دافع سعد عن الألوان الحمراء والبيضاء لفريق الفتح لأول مرة خلال مباراة إعدادية أجراها هذا الأخير ضد الفريق الوطني حرف "أ" المكون آنذاك من العديد من نجوم الكرة الوطنية كفرس، اعسيلة و العربي احرضان. عدم إيجاد صيغة للتفاهم بين الفتح و المغرب الرباطي دفعت مسؤولي الفريق العسكري والمدرب ڭي كليزو للدخول على الخط و الرد بالإيجاب على جميع شروط الفريق الأم لخطف نجم العاصمة الصاعد. يؤكد العميد السابق للفريق العسكري أن المدرب الفرنسي لعب دورا أساسيا في نجاح مشواره الكروي لان " مع ڭي كليزو المدرب الذي كان  له حس بيذاغوجي عالي و الذي كان يعرف كيف يصقل مؤهلات لاعبيه، تعلمت مبادئ اللعب الرجولي، حب القميص و الروح الرياضية". بعد التوقيع في كشوفات الفريق، التحق سعد بالتجمع الذي كان يقيمه الفريق العسكري استعدادا للموسم الرياضي 76-77 بالقاعدة العسكرية الأمريكية بالقنيطرة و هناك سيتعرف على نجوم الفريق الوطني علال، عبد الله باخا، المرحوم خليفة و آخرون والذين كانوا في آخر مشوارهم الرياضي. في الموسم الموالي سيخوض سعد منافسات البطولة تحت إشراف نجم ريال مدريد السابق برينڭا و مع جيل جديد كانت ابرز أسمائه عزيز العامري (المدرب الحالي لفريق المغرب التطواني)، المرحوم صامبا، درويش و العرايشي. حكاية النجم العسكري مع الفريق الوطني ستبدأ سنة 1981 حين استدعاه المدرب الوطني آنذاك المرحوم العماري إلى تشكيلة اسود الأطلس التي ستفوز بدوري الرئيس الصيني ببكين بعد سحقها للجزائر في نصف النهاية بنتيجة 4-1 و فوزها في النهاية على المنتخب اليوغسلافي (1-0). مع الفريق العسكري سيستمر سعد دحان في استغلال ترسانته التقنية، التي جلت جل المتتبعين يقارنونه بالنجم الأرجنتيني أرديليس،ليرسم أحلى اللوحات و تحقيق أقوى الانتصارات رفقة جيل الثمانينات الذهبي. مع التيمومي، شيشا، لغريسي وآخرون سيفوز سعد بثلاثة ألقاب للبطولة (84، 87 و 89)، ثلاثة كؤوس للعرش (84، 85 و 86) و كأس عصبة الأبطال الإفريقية سنة 1985. بعد العاب البحر الأبيض المتوسط لسنة 1983 سيعود سعد إلى المنتحب الوطني ليشارك في نهائيات الألعاب الاولمبية بلوس أنجلس سنة 1984 و في تصفيات كاس إفريقيا للأمم و كاس العالم لسنة 1986 دون أن يتمكن من المشاركة في النهائيات بعد أن أصيب إصابة بليغة على مستوى الركبة كادت أن تدفعه إلى الاعتزال المبكر خاصة مع فشل العمليات الجراحية التي أجريت له بالمغرب. العملية الجراحية التي أجراها العميد السابق للفريق لعسكري بفرنسا على يد البروفسور جيرارد سيان (الذي أجرى العمليات الجراحية  لرونالدو على مستوى ركبتيه) سمحت له بالرجوع إلى ميادين المنافسة لثلاثة مواسم أخرى منها موسمه الأخير في الملاعب و الذي دافع فيه عن ألوان فريق القرض الفلاحي قبل أن يعلن اعتزاله سنة 1990 ليلتحق بعد ذلك بميدان التدريب. مدة التأقلم مع عالمه الجديد لم تدم طويلا فخبرته كلاعب دولي سابق و كقائد لأحد اكبر الأندية الوطنية سمحت له بتكوين محزون معرفي جيد صقله بمشاركته في العديد من الدورات التكوينية الخاصة بالمدربين في المغرب، فرنسا و سويسرا و التي كان يؤطرها خبراء دوليون كجيرارد هويي و جورج بولون. خلال مسيرته التدريبية سيتولى سعد دحان مهمة المدرب المساعد للناحب الوطني عبدالخالق اللوزاني و مدرب الفريق الوطني العسكري بالإضافة إلى إشرافه على العديد من الفرق أهمها مدرسة الجيش الملكي، الجيش الملكي (مدرب و مدرب مساعد) الفتح الرباطي، الجمعية السلاوية، اتحاد سيدي قاسم و شباب المسيرة.

سعد دحان نجم من نجوم الكرة الوطنية التي لا تنسى رسم لوحات إبداعية مازالت جماهير العاصمة تتذكرها. أخلاقه أكسبته ، حتى بعد اعتزاله ، احتراما جماهيريا كبيرا. من خلال مسيرته أعطى الدليل انه بالإمكان التألق في الممارسة الكروية تقنيا و أخلاقيا و هو ما يجعله مثالا يحتذى به بالنسبة للأجيال الحاضرة و المستقبلية.

عرض المحتوى حسب: