كرونو

ملف خاص عن "المعلم" حسن شحاته
ملف خاص عن "المعلم" حسن شحاته

حسن شحاته..أسطورة الحظ والهروب!

القاهرة: محمود ماهر (البطولة)


وضع نفسه ضمن أفضل مدربي العالم في غضون ثلاث سنوات، وبسوء تخطيط مثير للدهشة، صار أحد أتعس المدربين المصريين..

استقال مساء اليوم الخميس، حامل لقب كأس أمم أفريقيا ثلاث مرات متتالية، من تدريب نادي بيتروجيت بعد أقل من أربعة أشهر على تعيينه مديرًا فنيًا للفريق القابع في المركز السابع بجدول ترتيب قبل شهر ونصف من نهاية الموسم.


وفتح حسن شحاته الباب (من جديد) أمام النقاد ووسائل الإعلام لطرح سؤالين لا ثالث لهما على مسيرته المثيرة. الأول: هل هو مدرب منتخبات فقط؟ والثاني: هل هو مُجرد مُدرب محظوظ؟.


النجاحات غير المسبوقة التي حققها شحاته مع المنتخب المصري في منافسات كأس الأمم الأفريقية، بالتتويج بلقب البطولة ثلاث مرات متتالية 2006 و2008 و2010، صاحبه جيل ذهبي بقيادة محمد أبو تريكة وأحمد حسن وحسني عبد ربه وعصام الحضري وعماد متعب وعمرو زكي وحسام غالي ووائل جمعة ومحمد عبد الوهاب ومحمد شوقي وأحمد فتحي، ربما لن يتكرر إلا بعد سنين طوال، وهذا ما جعل البعض يصفه بالمدرب المحظوظ، فلم يحظ بنفس نوعية اللاعبين في كل تجاربه التي تبعت وصوله إلى عنان السماء مع جيل أبو تريكة، داخليًا أو خارجيًا.


صعود وهبوط


تعود بدايات حسن شحاته مع عالم التدريب إلى بداية الثمانينيات عندما أشرف على تدريب ناشيء قبل أن يصبح مساعدًا لمدرب الفريق الأول بموسم 1986/1985، فكانت الانطلاقة الحقيقية في عالم التدريب بتولي مهمة الوصل الإماراتي ثم المريخ السوداني، لكنه لم يستمر في كلاهما كثيرًا وعاد إلى مصر لتدريب اتحاد الشرطة والاتحاد السكندري والزمالك والمنيا.


ومع حلول نهاية فترة التسعينيات، لمع اسم كاختصاصي إعادة الأندية الشعبية إلى دوري الأضواء والشهرة، فبعد قيادته الرائعة لنادي المنيا إلى الدوري الممتاز، تمكن من إعادة نادي الشرقية المتواضع بعد أن خاض صراع محموم للتأهل عام 1999، وبعدها بأشهر قليلة نجح في تأهيل نادي «منتخب السويس» للدوري!.


خاض شحاته بعد انتهاء رحلته مع الشرقية تجربة قصيرة لم يكتب لها النجاح مع أهلي بنغازي الليبي، ليتم بعدها الاستعانة به في الاتحاد المصري كمدير فني لمنتخب الشباب تحت 20 عامًا أعوام 2001 و2002 و2003، تمكن خلالهم من تكوين فريق قوي تُوج رفقته بكأس أمم أفريقيا ليتأهل به لمونديال الشباب في الإمارات.


لكن أسهم شحاته تراجعت في الشارع الرياضي المصري بسبب الخروج المُبكر من ذلك المونديال على يد المنتخب الأرجنتيني (1/2).


الحظ


وجد «المعلم» نفسه على رأس الإدارة الفنية للمقاولون العرب بموسم 2004/2003، وهناك قرر استعادة أمجاده والتعبير عن مكنوناته الحقيقية بعد سنة من خيبة الأمل على الأراضي الإماراتية، ففاز بكأس مصر بعد أن هزم الأهلي في نهائي مثير يوم (2 يوليو 2004)، قبل أن ينتزع لقب كأس السوبر من فريق طفولته «الزمالك».


ولم يضع الاتحاد المصري عامل الحظ الذي رافق حسن شحاته أمام الأهلي في عين الاعتبار، مقررًا الاستعانة به وتجربته كمدرب مؤقت في تدريب المنتخب الأول فيما تبقى من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006، على أمل تصحيح الأخطاء الكارثية التي اقترفها المدرب الهاوي «ماركو تارديلي» في الجولات الافتتاحية.



ولعبت الكرة لعبتها مع حسن شحاته في الفترة التي خاضها كمدرب مؤقت، إذ قدم الفريق مستوى متميز معه، ليجدد الاتحاد الثقة فيه قبل أمم أفريقيا 2006، لينجح بسياسة «ما شربتش من نيلها» بطلاً على حساب كوت دي فوار بفارق ركلات الجزاء، ومن هنا عزز الاتحاد ثقته فيه، فحقق أفضل الإنجازات الممُكنة على الصعيد القاري، بالتتويج بكأس أمم أفريقيا للمرة الثانية على التوالي عام 2008، وبعدها بسنة هزم إيطاليا في كأس القارات بجنوب أفريقيا وقدم أفضل أداء لأي منتخب عربي في التاريخ أمام منتخب البرازيل بنفس البطولة عندما خسر (3/4)، قبل التأهل للمباراة الفاصلة أمام الجزائر في تصفيات مونديال 2010 ثم التتويج بأمم أفريقيا 2010 على حساب غانا.


لكن «المعلم» استسلم لسوء الطالع في تصفيات كأس أمم أفريقيا 2012، عندما خرج صفر اليدين على يد منتخب الأولاد «جنوب أفريقيا» في قلب القاهرة، ومن هنا بدأت قصة الانحدار المُخيف، بالاستقالة من تدريب الفريق والعودة لتدريب الأندية.


رحلات مكوكية


اختار حسن شحاته الابتعاد عن الضغوطات النفسية في مصر بخوض تجارب مختلفة في غضون أشهر معدودة على أصابع اليد، فبعد خروجه من منتخب الفراعنة تولى مهمة المستشار الفني لنادي، وهي وظيفة لم يشغرها سوى شهر ونصف قبل العودة إلى مصر لمقابلة مسؤولي نادي العربي القطري الذين كانوا يبحثون في أغسطس 2012 عن بديل للمدرب الفرنسي «بيار لوشانتير».


وقضى شحاته ثلاثة أشهر فقط مع الفريق القطري بسبب خسارته لأربع مباريات وتعادله في مباراتين، وهي نفس المدة التي قضاها تقريبًا في دوري الدرجة الثانية الألمانية كمستشار!.


وفي منتصف عام 2014 وافق شحاته على خوض تجربة فريدة من نوعها بالنسبة للمدربين المصريين، بتولي مسؤولية تدريب نادي المغربي.


وبعد أن حظى باستقبال الأبطال في مدينة جديدة المغربية، قرر الرحيل بشكل مفاجيء وغير مُبرر، تاركًا مسؤولية الفريق لمواطنه «طارق مصطفى» الفائز كلاعب عام 1998.


وكسب شحاته شعبية كبيرة بين أنصار الدفاع الجديدي في بداية مسيرته مع الفريق، فقد جاء أول انتصار له أمام أحد عمالقة البطولة المحلية «الرجاء البيضاوي» وبثلاثية نظيفة، بعد أن تعادل الفريق أمام نهضة بركان وشباب أطلس خنيفرة (0/0 و1/1) وخسر من المغرب التطواني 1/5 في أول ثلاث جولات.


وبعدها عاش حالة تذبذب نتائج، إذ فاز على الجيش الملكي خارج ميدانه ثم خسر من الاتحاد الزاموري، وفي المباراة التالية حقق الفوز على أولمبيك آسفي، وبعد المباراة الثامنة مع الفريق والتي خسرها من حسنية أكادير بملعب أدرار قرر الهرب دون سابق إنذار، مُتحججًا بالأزمة المالية!.


وعود مَنسية


في اليوم التالي من هروبه الصادم للجمهور المغربي، تعاقد لقيادة تدريب المقاولون العرب، وفي بداية موسم 2016/2015 فسخ عقده مع ذئاب الجبل بالتراضي (يوم 14 نوفمبر 2015) بسبب الخسارة في ثلاث مباريات والتعادل في مباراتين.


وتوصل شحاته لاتفاق مع إدارة طلائع الجيش في يوليو 2016 لتدريب الفريق، وعقب انتهاء المعسكر التحضيري للموسم، صدم النادي بالانسحاب.


وبعد ابتعاده عن الأضواء لشهرين، قيل أنه رفض خلالهم العودة لتدريب الزمالك، تقلد مسؤولية في محاولة منه لإنقاذ سمعته التدريبية، خصوصًا وأن الفريق كان عند تعيين شحاته يوم 17 يناير 2017 تفصله تسع نقاط فقط عن المركز الثالث الذي يحتله الزمالك، بالتالي فإن فرصه كانت قائمة للتأهل إلى الكونفدرالية.


وبدأ شحاته مسيرته مع الفريق البترولي من الجولة الـ 18، عندما تعادل مع وادي دجلة من دون أهداف، وفي المباراة التالية هزم الداخلية بهدف نظيف ثم تعادل مع أسوان 1/1 وهزم طنطا، وتعرض للخسارة أمام الأهلي والاتحاد السكندري، وتعادل مع الانتاج الحربي، وجاءت خسارته من النصر للتعدين اليوم بهدف سجل مطلع الشوط الثاني لتنهي مسيرته مع الفريق الذي ودع بالاستمرار معه للموسم المقبل، لكنه كالعادة أخلف الوعد كما أخلفه مع كل مَن سبقوا بيتروجيت.


وبرر المعلم موقفه قائلاً «تقدمت باستقالتي إلى مجلس الإدارة من أجل منح الفرصة لأي مدرب آخر لقيادة الفريق خلال الفترة المقبلة، أكن كل التقدير والاحترام لمسؤولي بيتروجيت، لكن ليس لديّ حظ، هناك قلة توفيق لهذا قررت الرحيل».


ترى هل سيسعى شحاته، صاحب الـ 71 عامًا، نحو إنقاذ مسيرته مع فريق جديد أم يكتفي بهذا القدر ويُعلن اعتزال التدريب، كما فعل أسطورة الأهلي «مانويل جوزيه» قبل عدة أسابيع، والسبب فشله الذريع مع كَل مَن أشرف على تدريبهم عقب مغادرته للعملاق الأحمر؟


عرض المحتوى حسب: