كرونو

None

نظام صحي هش وصرامة غائبة عن معايير السلامة والوقاية .. هل أشرّت الجامعة على عودة النشاط الكروي دون استعدادٍ لمتطلّباته؟

أثبتت الحالات الإيجابية التي رُصدت في صفوف العديد من الأندية الوطنية أن قرار استئناف النشاط الكروي بالمغرب محمول على درجة عالية من "الحساسية"، وأن الدَّفع بعجلة "" للدوران من جديد إجراء محفوف بالمخاطر التي يفرض نسفها توافر معايير دقيقة يتم الاستناد عليه بصرامة بالغة، حتى لا تُساهم الكرة الوطنية في تفاقم الوضع الصحي بدلا من الاضطلاع بدورها الأساسي في الترويح عن نفوس مُتابعيها وجماهيرها.


ويبدو أن الإصابات المُسجَّلة داخل مجموعة من الأندية تأخذ منحى تصاعدياً ومساراً تجاوز محاولات فرملتها وتدابير احتوائها؛ حيث تسلل فيروس "كورونا" إلى مفاصل بعض الفرق الوطنية، ومسَّ لاعبين وإداريين ينتمون إليها؛ آخرها نادي الذي يعرف خمس حالات إيجابية جرى تأكيدها، صباح اليوم الجمعة، فضلاً عن أندية أخرى مثل و.


وظهر جلياً أن "البروتوكول الصحي" الذي أعدّته بالتنسيق مع المصالح الصحية المختصة عجز، لحدود الآن، عن الحؤول دون تسربُّ الوباء التاجي إلى الفاعلين في اللعبة، بل شكَّل الدليل المُنجز محط مؤاخذات ولومٍ من طرف العديدين، نظراً لافتقاده الإجراءات الكفيلة بتحصين الأندية من "كوفيد-19" أو الإجهاز عليه في مراحله الأولى.


ولم تخضع عملية الاختبارات التي تُجرى للاعبين وكافة أفراد الأندية لمُقاربة سليمة من حيث التنزيل والأجرأة، ذلك أنها تفتح الباب أمامهم لإمكانية التعرض للفيروس، بالنظر إلى المساحة الحرة التي يحظون بها لمخالطة أسرهم وأصدقائهم بعيداً عن محيط النادي، إذ يقومون بالفحوصات لدى مغادرتهم عقب المباريات والمعسكرات، ثم يعودون بعدها مباشرةً إلى التداريب، في الوقت الذي تتأخر فيه خطوة الكشف المخبري الذي يجرونه ولا تظهر نتائجه سوى بعد أيام من التحاقهم بالنادي.


وفي هذا الصَّدد، يطرح التأخر الحاصل بين إجراء الفحص المخبري وموعد التعرف على نتيجته إشكالا عميقاً يُساهم في تأزيم الحالة الوبائية، حيث يُفضي هذا المعطى إلى مُخالطة اللاعب لأصدقائه وأقربائه، حتى لو كان يشكو من الفيروس، بفعل تأخر ظهور نتائج التحليلات المخبرية التي خضع لها.


ومع المخاطر التي يُسفر عنها تردد اللاعبين والأطر المشتغلة داخل الأندية على أسرهم وأصدقائهم، عقب مغادرة المعسكرات التي ينتظمون فيها بعد المباريات، أغفلت الأجهزة الوصية على اللعبة جانباً مُهما في "البروتوكول الصحي" يهم إلزامية تجميع الأندية في تربصات مغلقة، قصد قطع الطريق أمام شيوع وانتشار الفيروس بين المواطنين والأفراد؛ وهو ما تم الترويج للعمل به قبل إصدار الدليل الصحي.


قدَّمت جامعة الكرة "دليلاً صحياً" مبتوراً من مقوِّمات عديدة تَسِمها الدِّقة والنّجاعة لمعالجة ما يُمكن أن يجثم على صدر الأندية من أزمات صحية؛ انطلاقاً من ضيق دائرة الفحوصات المخبرية ومروراً بإتاحة الفرصة أمام اللاعبين والأطر للمغادرة إلى ذويهم وأسرهم ووصولاً إلى بعض التساهل الذي يطبع التقيُّد بالإجراءات الاحترازية والوقائية في المعيش اليومي داخل المعسكرات.


حاول القائمون على الشأن الكروي بالمملكة مُحاكاة النماذج الناجحة للدوريات الأوروبية التي رسمت أمثلة ناجحة في العودة لممارسة المستديرة، لكن دون أن يفلحوا في ذلك، فهم يتحسَّسون الفشل والإخفاق مع تواتر الإصابات المتسللة إلى الأندية، مُستغلةً هشاشة النِظام الصحي بالمغرب مُقابل متانته وصلابتها في بلدان القارة العجوز التي أنجحت ورش استئناف اللعبة.


غاب عن قادة دفَّة الكرة المغربية ذلك البوْن الشّاسع بين النظاميْن الصحي للمملكة والدول الأوروبية التي كانت سباقة لإعادة الروح إلى دورياتها؛ سواء من حيث عدد الفحوصات المخبرية المُنجزة أو المرافق والبنية التحتية الصحية أو الموارد البشرية المُشتغلة داخل القطاع، فالفارق فسيحٌ ولا تستقيم معه المُقارنة.


ويجد المسؤولون عن الكرة الوطنية أنفسهم في ظرف عصيبٍ في ظل تطورات الحالة الوبائية بالمملكة الباعثة على الذّعر والفزع، فمستقبل "البطولة الاحترافية" يتأرجح بين سيناريوهات عدة تستلزم جميعها توخي الصرامة والدّقة وكذللك السُّرعة في سلكها واختيارها.


هذا وأملت الإصابات الإيجابية التي رُصدت في صفوف مجموعة من الأندية الوطنية تأجيل عدة مباريات ضمن "البطولة الاحترافية" بقسميْها الأول والثاني، لتُرسم بذلك علامات الاستفهام حول إمكانية إنهاء النسخة الحالية من المسابقة في المواعيد التي حدَّدتها الجامعة، شهر شتنبر المقبل.

عرض المحتوى حسب: