• أستون فيلا
    تشيلسي
  • مانشستر يونايتد
    بيرنلي
  • وست هام
    ليفربول
  • يوفنتوس
    ميلان
  • أتليتيكو مدريد
    أتليتيك بلباو
  • شباب المحمدية
    إتحاد تواركة
  • حسنية أكادير
    الجيش الملكي
  • أولمبيك آسفي
    اتحاد طنجة

كرونو

..
..

حيادية الصحافة في زمن "فيس بوك" (1)

بقلم | محمود علي

 

لم تكن قضية الحياد في الصحافة الرياضية على وجه التحديد مُثارة في زمن ما قبل مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وأهمها "فيس بوك" بشكل بارز كما يحدث اليوم، لكن الصحافة شأنها شأن العديد من المجالات التي تم اقتحامها من قبل مفاهيم جديدة خاطئة منذ ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، بُني على إثرها ما يُشبه لـ"عرف" بين عامة الصحفيين "واسمحوا لي أن أقول صحفيين جمع صحفي وليس صحافيين جمع صحافي كما اعتدنا القول بالعامية لتبسيط الأمور"، عُرف يُقيد حرية الانسان الذي يمتهن مهنة الصحافة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي قد تحمل أدق تفاصيله الشخصية، بحجة "الحيادية".

 

إذا كنت صحفياً رياضياً تمتلك صفحة شخصية على "فيس بوك" مُتاحة للعامة، فأنت قطعاً قابلت تعليقات كثيرة تتهمك بـ عدم الحياد والانحياز لفريق ما على الآخر، سواء من مُتتبعين أو حتى من الأصدقاء، حتى وإن حاولت السير على طريق قيود "الحيادية الفيسبوكية" وبكل ما تملك تجنبت في منشوراتك ما يضعك في تلك الخانة، بالحديث بشكل حذر أو عام عن القضايا المختلفة أو تجنب التعليق عليها من الأساس.

 

لكنك صديقي الصحفي الذي لا أعرفه قد تكون واحداً من الذين ارتكبوا خطأ، أراه جسيماً، دون أن تدري، في حق نفسك وفي حق مهنتك وفي حق "فيس بوك"، وفي حق القراء.

 

دعونا أولاً نبدأ بالحديث عن "فيس بوك" كمثال بارز لمواقع التواصل الاجتماعي، لنفهم أولاً ما هي مواقع التواصل الاجتماعي وما السبب في تأسيسها.

 

عندما تم تأسيس الموقع الأزرق في فبراير من عام 2004 على يد مارك زوكربيرج، كان الهدف من الموقع إنشاء جسر يربط الناس في العالم أجمع ببعضهم البعض، من أجل إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم المختلفة في كل شيء وأي شيء بمنتهى الحرية، دون قيود.

 

وبعد سنوات من انتشار فيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في العالم، نجح مارك في ما كان يهدف إليه، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لأي مواطن في العالم، حتى وإن ادعى عكس ذلك، وعلى حسب المُراد والهدف تُقدر قيمة مواقع التواصل الاجتماعي لكل شخص في العالم.

 

ورغم محاولات العديد من الأنظمة لا سيما العربية في فرض وصايتها على فيس بوك بالتحديد، لـ قمع الحرية الافتراضية أو بعضاً منها، إلا أن مارك أفشل كل محاولاتهم، وحافظ على سر نجاح موقعه إلى الآن.

 

ولأن الفيس بوك أتاح لـ مستخدميه حرية بلا حدود، فكان من الطبيعي أن يصطدم بالصحافة، خاصةً الرياضية محور حديثنا، اصطداماً غيّر من مفاهيمهما معاً، فلا أصبح الفيس بوك بالنسبة للصحفيين "فيس بوك" ولا أصبحت الصحافة بالنسبة لهم أيضاً "صحافة".

 

كانت مهمة الصحفي من قبل في الجرائد الورقية، تقتصر على نشر الأخبار والتقارير والتحقيقات، ولم يكن يُتاح لك فيها كـ صحفي حرية التعبير عن رأيك بأي حال من الأحوال، خاصةً وأن مقالات الرأي، السبيل الوحيد أمامك للتعبير عن رأيك، كانت تُقتصر قديماً في الصحف على كبار الصحفيين "سناً"، بيد أن دخول المواقع الالكترونية في المعادلة كسر احتكار كبار الصحفيين لها، وأتاح للعديد من الصحفيين الشبان ومن أجيال الوسط إبداء آرائهم في مقالات الرأي، وهو ما انتبهت إليه بعض الصحف الورقية، وليست كلها.

 

كانت علاقة الصحفي قبل وقت قريب بمهنته في جريدته أو موقعه تنتهي يومياً بنهاية عدد ساعات عمله، ليبدأ بعد ذلك في قضاء يومه بشكل طبيعي، مع أسرته في بيته، مع أصدقائه على المقهى لمشاهدة مباراة ما وتشجيع الفريق المُحبب إليه، أو ممارسة أي شيء بحرية.

 

لكن بعد ظهور فيس بوك، تخلى بعض الصحفيين عن حريتهم كـ بشر، إتباعاً لقيود عرف "الحيادية الفيسبوكية" الغريب، وإرضاءً للقراء والجماهير التي أصبحت تبحث عن الأخبار في صفحات الصحفيين الشخصية بدلاً من التوجه لقراءتها في أماكنها الصحيحة على الصحف والمواقع المعنية بنشر الأخبار، فـ أصبح الصحفي يعمل كـ صحفي 24 ساعة.. يُنهي عمله في جريدته أو موقعه، ثم يدخل على فيس بوك الذي أصبح يُعوضه في أحيان كثيرة عن الخروج للمقهى أو للترفيه أو خلافه، ليبدأ في ممارسة المهنة على فيس بوك أيضاً بقيود سماها "حيادية" ألزم بها نفسه في موقع الحرية الأول في العالم، قبل أن يتجه في نهاية يومه الشاق إلى النوم دون أن يفعل شيء واحد أو يتفوه بكلمة واحدة فيها أي ملمح من ملامح الحرية، التي اعتاد عليها قبل زمان "فيس بوك".

 

 وبدلاً من أن يقوم الصحفي بدوره في تنوير القراء وبناء رأي عام على أسس ومفاهيم إيجابية وصحيحة تهدف إلى الحقيقة، أصبح الصحفي نفسه أسيراً لمفاهيم خاطئة بمطالب بالحيادية في غير مكانها، ناتجة عن قلة إدراك للقاريء المعذور، بُنيت عليها أعراف خاطئة لمعظم الصحفيين.

 

فـ بات صديقي الصحفي الذي لا أعرفه، والذي ألزم نفسه بقيود "دخيلة" محروماً من مساحة الحرية في حياته، فلا عاد يقول شيء بحرية، ولا عاد يُشجع فريقه المُحبب إليه كما اعتاد أن يفعل بحرية، ولا بات قادراً على الفصل بين عمله في منبره وبين حريته الافتراضية التي منحه فيس بوك إياها، وللحديث بقية...

 

*توضيح: لم يكن ما سبق إلا مجرد محاولة لتنوير القراء والجماهير من ناحية وتحرير بعض الصحفيين الذين قيدهم العرف الغريب الذي التصق بـ فيس بوك من ناحية آخرى، لكن الحرية المُشار إليها هي نفسها الحرية التي نعرفها، لا تعني إباحة الإسفاف أو التفاهة أو الكذب أو التجني والتضليل أو أي شيء ضار وسلبي على فيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي كما هو معناها تماماً في الحياة، فـ مباديء الحرية لا تتجزأ، لكن الذين يجدون متعة وراحة في إدارة حياتهم الفيسبوكية بالشكل الذي يحبونه لهم مني كل احترام وتقدير.

عرض المحتوى حسب: