كرونو

None

و ذكِّر.. لِـلودادْ 5 أَلقاب لاَ 19ولاَ حتى 14 !

محمد زايد (البطولة)

يكثر الجدل كل ما حققت الوداد لقبا على مستوى الدوري الوطني المحلي، وذلك حين تتعالى بعض الأصوات التي ترفض رفضا قاطعا تعداد "الخمسة ألقاب" التي حققها الفريق المغربي قبل الاستقلال، بدعوى أن المغرب لم يكن محررا آنذاك، وأن تنظيم الدوري من طرف المستعمر، لا يحق بأي شكل من الأشكال تِعداده أو الأخذ به.


شخصيا، أرى أن للوداد تلك الألقاب الخمسة فقط، المحققة قبل عام 1956، لعدة اعتبارات أهمها:

أنها كانت ألقابا في عز الحماية والاستعمار الفرنسي، وَلأَن تحقق لقبا في منطقة خاضعة آنذاك لمستعمر غاشم، كان بمثابة رصاصة في قلب هذا المعتدي، وما سجلات التاريخ و أحاديث من عايشوا تلك الفترة إلا لبرهان على ما ذُكر.



و يكفي أن نذكر حالة واحدة فقط لحجم الغيظ الذي كان يصيب المستعمر آنذاك من كل ما هو مغربي حتى فيما يتعلق بالرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص، وذلك حين كان يمنع منعا كليا ذكر أي تشجيع أو هتاف خاص بالوداد كما رُوِي عن بعض السابقين، و الاكتفاء بمشاهدة اللقاء فقط من المدرجات، ليبتكر المغاربة وقتها فكرة جلب "بطة" للملعب و جعلها تقوم بالمهمة، وهي قول عبارة "واك" بدل المشجعين "المقموعين" الذين كانوا يعتبرون كل هدف من أهداف لخميري أوالشتوكي و حتى عبد السلام رصاصة انتقام في صدر المستعمر الذي كان يحضر لملعب "فيليب" وكأنه يحضر لمعركة حرب، تُبرزها طريقة تفتيش المغاربة الذين يرغبون في ولوج المدرجات، و إهانتهم كل ما سنحت لهم الفرصة بذلك.



هذا أولا، أما ثانيا، أيعقل أن يكون محمد الخامس رحمه الله واحدا من المتيمين بحب فريق الوداد دون أن يكون لهذا الفريق دور كبير في تجديد روح الوطنية، وإعلاء كلمة الحق عبر لاعبيه وجماهيره كلما كانت الوداد طرفا في مباراة ما طيلة فترة الاستعمار، و هذا يدل على الارتباط الوطني لا الرياضي فحسب.


بل وبعد أن نال المغرب شرف الاستقلال، نصّب الملك الراحل محمد الخامس، ولي العهد آنذاك الحسن الثاني رحمه الله رئيسا شرفيا وقتها للوداد، عرفانا وتعظيما لكل ما قدمته مكونات الوداد فترة الاستعمار، بل و نُصّب الملك الحالي للبلاد محمد السادس بعدها رئيسا شرفيا لنادي الأمة أيضا، حين كان وليا للعهد، فهل يعقل أن يكون كل هذا اعتباطيا؟




لهذا فألقاب ما قبل الاستقلال هي أكبر قيمة وأعظم مكانة في قلوب وطنٍ عمره آلاف السنين، و ليس 61 سنة،إذ كانت هذه الألقاب بمثابة البلسم لجراح مغاربةٍ عانوا الاضطهاد والبؤس والإهانة من كل ما هو فرنسي، فكان أبسط رد هكذا :" أبناء الوطن قادرون على إثبات الذات و تحقيق المراد، و التفوق في مجالات أخرى ككرة القدم وغير كرة القدم"، و هي رسائل مشفرة آنذاك كانت تُنذر المستعمر بما هو آت.


إن كل الأندية التي شاركت قبل الاستقلال في المنافسات الرياضية المحلية التي كانت تحمل مسميات مغربية رغم تنظيمها من طرف المستعمر، لعبت دورا كبيرا في تحفيز المغاربة و بث الأمل فيهم، وتمثيلهم لدى هذا المستعمر أحسن تمثيل بصورٍ نضالية وجهادية، كالوداد والرجاء و المغرب التطواني، و الراسينغ البيضاوي وغيرها من الفرق التي كانت تلعب لأجل الوطن، و أُسست لحمل علمه من فوق علم فرنسا، في فترة كانت فيها الرياضة جهادا ونضالا و تضحية، لا فرجة وجمعا للأموال ومتعةً كما اليوم.



لن نعود لما قالته الفيفا ولا الكاف ولا حتى الجامعة، بشأن هذا الموضوع، والتي حسمت الجدل فيه بشكل نهائي، بل سنعود لضمائرنا وتاريخنا و وطنيتنا ولهويتنا أيضا، والتي لا يمكن أن تطمس حقائق تعِب المغاربة في بنائها و إحيائها و الافتخار بها، بعيدا عن أي تعصب أو مزايدات "بيزنطية" قد لا تنتهي أبدا.

عرض المحتوى حسب: