كرونو

المنتخب الوطني للدراجات
المنتخب الوطني للدراجات

الدَّراجة المغربية .. أما آنَ للمسؤولين أن يُغيِّروا منطقهم؟

أيوب رفيق (البطولة)

أطلق دراجو المنتخب الوطني المغربي، نداء استغاثة، وزفَرةَ يأسٍ، وهم يُعلنون انسحابهم انطلاقاً من المرحلة الثامنة لطواف المغرب، بعدما "ضاقوا ذِرعاً بالإهمال والتهميش الذي تُقابل به مطالبهم، سواء المادية أو اللوجيستيكية، من طرف الجامعة الوصية"، حسبما جاء على لسانهم لدى حديثهم إلى مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية.


هذه الظَّواهر لم تعُد شذوذاً في عُرف الرياضة المغربية، وإنَّما صارت قاعدةً وعادة، فمطالبة الرياضيين بمستحقاتهم، وتعبيرهم عن الامتعاض من ظروف التحضير والممارسة أصبحت أسطوانة تتكرَّر في معظم الرياضات، وخلال كل سنة، حتَّى بات الرأي العام مُطبِّعاً معها، دون أن تستفزه البتَّة.


في أعقاب التصريحات الإعلامية التي أدلى بها الدراجون المغاربة، والتي حاولوا من خلالها نَقْلَ غُبنهم ومعاناتهم إلى العامَّة، اختار السيد محمد بلماحي، رئيس الجامعة، الطَّعن في انتمائهم الوطني، ورَمْيِهِم بخيانة الوطن، في الوقت الذي كان ينتظر فيه الكثيرون أجوبة شافية عن الاتهامات التي وُجِّهت إليه وإلى أعضاء الجهاز الوصي على اللعبة.


المعطيات التي بسطها أفراد المنتخب الوطني للدراجات، والتي تتحدث عن منح هزيلة وأجور شبه مُنعدمة، في السنتيْن الأخيرتيْن، ثم مُعاملة غير لائقة، تضعنا أمام الأعطاب التي لازالت تنخر الرياضة المغربية، والتي تُحيل إلى القرون الوسطى، ولا توحي قطعاً بأننا في الألفية الثالثة، والتي تُعتبر فيها مطالب الدراجين حقوقاً بديهية يجب أن تُكفل لهم، وليست "عطايا" أو "مِنن" يتفضَّل بها عليهم المسؤولون.


لم يجد مسؤولو الجامعة وهم يتفاعلون مع تمرد الدراجين سوى الحديث عن أيادٍ خفية تقف وراء خطوة الانسحاب، وافتقاد أفراد المنتخب لـ"الوطنية"؛ وهي مبررات لا يكاد المرء يُصدِّقها والمنطق يقبلها، فإن افترضنا جدلاً أن هناك من يمسك بخيوط هذه "المؤامرة" خلف السِّتار، فكيف يُمكن أن يجرؤ هؤلاء الدراجون على المغامرة بمشوارهم الرياضي؟ والتضحية بمصدر قوتهم وعيشهم؟ حتى يخدمون أجندات ليس من المؤكد أنها ستكافئهم على ذلك.


إن التُُّهم التي تُطلق على عواهنها من أجل تسفيه المطالب، والعزف على وتر الوطنية في سبيل دغدغة المشاعر، والالتفاف على الحقوق التي يراها العديدون مشروعة، لن تُعمِّق سوى الأزمة التسييرية التي تشكوها الرياضة الوطنية، والتي تُمْعِنُ في التَّجنِّي على الرياضيين، ووضع المطبات التي تُقلِّص حتماً من حظوظ تألقهم خارجياً. 


خيبات الأمل التي تجترُّها الرياضة في المحافل الدولية، خاصة الألعاب الأولمبية، والانتكاسات التي تتجرَّعها رياضات كانت إلى وقت قريب من نقاط قوة الرياضة الوطنية، هي نتيجة طبيعية للاختلالات التي لا زال يُعاني منها الجانب التدبيري، والتي تُنتج سيلاً من الإخفاقات في الاستحقاقات التي يخوضها الرياضيون المغاربة.


إذا كانت الرياضة المغربية قد أدمنت مثل هذه الممارسات الصادرة من المسؤولين والأجهزة الوصية، فإن التطلع إلى تحقيق الإنجازات لن يكون إلا ضرباً من الحُلم والخيال، ما دامت الطاقات البشرية محرومة من أبسط حقوقها، وتُصارع ظروفها قبل أن تُصارع منافسين آخرين من دول أجنبية. 

عرض المحتوى حسب: