كرونو

الجماهير المغربية
الجماهير المغربية

كيِّفوا القوانين مع الواقع .. وأريحوا جماهير الأندية المغربية من "هاجس المؤامرة"

لا تكاد النِّيران المُشتعلة داخل تنطفأ إلاَّ لتلتهب من جديد، فالجدلُ صار أحد سُننِها الثَّابتة، ومكوناتها التي لا تتحرَّك بدونها. ولا طابع تكتسي به لغة جماهير الأندية الوطنية إلا التنديد والشجب لما "يعتمل في الكواليس" وفق ما تعتقده وتتبنَّاه بين المسؤولين والإداريين الماسكين بزِمام المستديرة في البلد.


حَفل الموسم الكروي الجاري بأحداثٍ شكَّلت منبعاً للغطٍ وسط الرأي العام الوطني، حيث تعاقبَ كل نادٍ مسنوداً بقاعدته الجماهيرية وأدواته التواصلية على الاستنكار والإدانة، مُتفاعلاً مع جزءٍ كبير من القرارات التي تُعلن بأنها قد صدرت لفرملته، وجرى اعتمادها من أجل كبحِه والحؤول دون زحفه نحو بلوغ أهدافه المتوخاة.


لقد بات جلياً أن مناصري الأندية الوطنية صاروا مُتشّبِّعين بـ"نظرية المؤامرة"، وبأن المكائد تُنسج ضد الفرق التي يُشجِّعونها، والألغام تُنصب في طريقها. ليس الغرض هنا فحص مدى مطابقة هذه الاعتقادات للواقع، ودرجة صوابها والمسافة التي تفصلها عن الحقيقة، لكن ما يجدر استحضاره أن ثمة ما يُغذِّي هذه القناعات التي تتملَّك الجماهير.


إن الوضع القائم للكرة الوطنية تشوبه بعض الثغرات التي لا يمكن أن يغفل عنها المرء، ولعلَّ أبرزها ازدواجية المهام التي يحظى بها المسيرون؛ وهو ما يبعث عنصر الاجتهادات والتأويلات، ويفتح الباب بمصراعيْه أمام توزيع الاتهامات بانحياز الإداري إلى هذا الفريق وخِدمته لذاك النادي، بناءً على المسؤوليات التي تُناط إلى الأسماء الفاعلة في المجال.


تُحاط المنافسة الشديدة بين الأندية المغربية بحساسية مُفرطة، وتُخيِّم على العلاقة بين جماهير مختلف الفرق نِدِّيةٌ بالغة، ما يجعل الأنصار قابلين لالتقاط أي مؤشر ولو كان عرضياً أو عابراً والتعاطي معه على أنها مؤامرة تُحاط ضدهم.


وسواء كانت هذه الاجتهادات واقعية وصائبة أو مجرد خيالٍ يُراود الجماهير، فالأكيد أن الأرضية المُفضية إليها لازالت خصبة لتراكم المزيد من التفسيرات، ما دام الوضع القائم مُستمر، ولا سبيل للقطع معها وتبديدها إلا بالتعبير عن حُسن النية وحظر ازدواجية المهام داخل الكرة المغربية وتغييبها.


ولنا في الدول الأوروبية أدلَّ مثال على أن المنطق الذي تُسند به المسؤوليات والمناصب ينبغي أن يسوده مبدأ الاستحقاق، إذ أن حالة مسؤولٍ بمنصبتيْن ومهمتيْن تنتفي هناك، إعمالاً بمقولة " الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح".


يتحمَّل مسؤولو الكرة في هذا الوطن مهمة تكييف القوانين مع الواقع الراهن، حتى يُثبتوا حُسن نيتهم ورغبتهم في سد الفراغات التي تجعل الاتهامات حاضرة، وتؤدي إلى استشعار الجماهير لـ"حروب تُدبَّرُ في الخفاء" ضد أنديتهم، حتى نُبلور نظاماً يستند إلى تكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة.

عرض المحتوى حسب: