شهدت الأرجنتين ليلة الأربعاء، فصلاً مظلماً في تاريخ كرة القدم، عندما تحولت مباراة الإياب لدور ثمن النهائي من كأس سود أمريكانا، بين فريقي إنديبندينتي الأرجنتيني ويونيفرسيداد دي تشيلي التشيلي، إلى ساحة حرب حقيقية.
فبعد انطلاق الشوط الثاني بوقت قصير، تحولت أنظار الجماهير من مستطيل الملعب الأخضر إلى المدرجات، حيث اندلعت أعمال عنف غير مسبوقة في ملعب ليبرتادوريس دي أميركا بمدينة أفيلانيدا.
وطغت هذه الأحداث المأساوية على مجريات المباراة التي توقفت عند الدقيقة 48 والنتيجة كانت 1-1، لتصبح ذكرى منسية، حيث بدأت شرارة العنف في الشوط الأول، عندما ألقى مشجعو يونيفرسيداد دي تشيلي، المتواجدون في المدرجات العلوية المخصصة للضيوف، مقذوفات متنوعة شملت العصي والحجارة والمقاعد، بالإضافة إلى قنبلة صوتية، باتجاه الجماهير المحلية.
ومع تأخر انطلاق الشوط الثاني، توقفت المباراة نهائياً ولم تُستأنف أبداً، رغم توقعات اللاعبين بالعودة بعد عشرين دقيقة.
ففي مشهد فوضوي، اقتحم جزء من جماهير فريق إنديبندينتي أرض الملعب، بينما اتجهت المجموعة الأكثر تطرفاً منهم نحو مدرجات المشجعين الضيوف، لتندلع هناك اشتباكات عنيفة وتحوّل المكان إلى فوضى عارمة.
وشهدت المدرجات أعمال عنف مروعة، حيث تعرض المشجعون الزوار للضرب المبرح بالعصي وتجريدهم من ملابسهم، وفي حادثة مروعة، أُلقي رجل من المدرج العلوي إلى الأسفل بعد دفعه، بينما انهار رجل آخر مغشياً عليه بعد تلقيه ضربة قوية على رأسه، وهو يتوسل لإنهاء الاعتداء عليه، وقد اختتمت هذه السلسلة من العنف بمشهد مروع لجثث هامدة ومصابين ينزفون، متناثرين في المدرجات.
وفي أعقاب هذه المجزرة، اتخذ اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) قراراً حاسماً بإلغاء المباراة بشكل نهائي، وليس تعليقها، وهذا يعني أن الدقائق الـ 42 المتبقية من عمر اللقاء لن تُلعب أبداً.
من المتوقع أن تترتب على هذه الأحداث عقوبات قاسية للغاية، حيث يبدو من الصعب أن يفلت أي طرف من المساءلة، كما يُتوقع فرض عقوبات أخرى تشمل إغلاق الملاعب، وإقامة مباريات بدون جمهور، وغرامات مالية ضخمة، وربما حرمان الأندية المتورطة من المشاركة في المسابقات الدولية لفترة زمنية محددة.
أما عن حصيلة هذه الكارثة البشرية، فقد أعلن النادي التشيلي عن اعتقال 111 شخصاً وإصابة 19 آخرين، وتتراوح الإصابات بين الخطيرة جداً، حيث يخضع أحد المصابين لعملية جراحية بعد سقوطه من المدرج، وبين إصابتين بالطعن، وثلاثة إصابات في الجمجمة، بالإضافة إلى إصابات متعددة أخرى لبقية الضحايا.
