كرونو

None

شارع روسيا (1) | الرجل الذي خان بوتين قبل المونديال

موسكو - محمود ماهر (البطولة)


في بلداننا العربية، شوارع وميادين باسماء دول ومدن عالمية، جميعها حدث لأسباب سياسية أو دبلوماسية، ولم يحدث في يوم واستغلت دولة عربية واحدة نجاح رياضي وسمت شارع أو ميدان على اسم الدولة أو المدينة التي شهدت ذلك الإنجاز. فهل يتحقق هذا الصيف مع أحد الفرق الأربع المشاركة في للمرة الأولى في تاريخ العرب، ونرى شارعًا باسم روسيا أو باسم إحدى مدنها في مصر أو السعودية أو المغرب أو تونس؟


شارع روسيا.. هو سلسلة حلقات يومية تأتيكم من عين الحدث، يُغطي لكم أدق تفاصيل كأس العالم 2018 الذي لم يسبق واحتضنته بلاد القياصرة رغم المساهمات الجليلة للاتحاد السوفيتي في تطوير اللعبة في الفترة من خمسينيات إلى ثمانينيات القرن الماضي.


ولا زالت "روسيا" بالنسبة للشريحة الأعظم من القراء ومستخدمي الإنترنت حول العالم رغم انتشار كتب أدبائها أمثال تولستوي ودوستوفسكي، من الدول الغامضة بسبب حاجز اللغة الذي لعب دورًا هامًا في تعطيل وصول المعلومة بشكل دقيق في إطارها الصحيح.


ويستغل (البطولة) الفرصة لتوضيح الرؤية أكثر عن واحدة من أقدم بلاد الفن والأدب، على أن تشمل السلسلة أسرارًا نَنشرها لكم للمرة الأولى بصور ولقطات حصرية يقدمها مراسلنا “محمود ماهر”.


إيكاترينبرج المحرومة



يتساءل الجميع عن سر قلة عدد المباريات التي مُنحت لمدينة إيكاترينبرج، حيث حصلت معظم المدن الروسية على شرف احتضان أكثر من 5 مباريات في المونديال، وكل المدن سوف تستضيف مباريات في الأدوار الإقصائية، عدا إيكاترينبرج التي تَبعد عن شرق موسكو حوالي 25 ساعة بالقطار (1100 كيلو) وكان لها دورًا هامًا في التاريخ الروسي.


قد تكون إيكاترينبرج مفتاح تأهل المنتخب المصري إذا ما تمكن من الخروج بنتيجة إيجابية أمام أوروجواي يوم 15 يونيه الجاري بعد يوم من افتتاح المونديال.


هناك سيعود الفراعنة للظهور للمرة الأولى منذ 29 عامًا عندما يواجهون وصيف تصفيات المونديال عن قارة أميركا الجنوبية الذي يقود هجومه الثنائي الخطير «إدينسون كافاني ولويس سواريز» ويدربه المحنك «أوسكار تاباريز».



مصر لم تلعب أي مباراة في الكأس العالمية منذ الخسارة يوم 21 يونيه من عام 1990 أمام إنجلترا بهدف دون رد سجله أسطورة ساوثامبتون وليفربول “مارك رايت” في الجولة الثالثة من دور المجموعات، لتودع بنقطتين من تعادلين مع هولندا وجمهورية آيرلندا، وهذا الشهر تود تعويض صبر السنين بنتائج تُثبت للعالم أن ما حدث في كأس القارات 2009 أمام البرازيل وإيطاليا لم يكن صدفة.


اللجنة المنظمة للبطولة منحت ملعب مدينة إيكاترينبرج الذي أعيد بناؤه ثلاث مباريات أخرى بخلاف مباراة مصر وأوروجواي، هم (فرنسا وبيرو - اليابان والسنغال - المكسيك والسويد).


إيكاترينبرج أو إيكترنبورج .. خدمت الإمبراطورية الروسية كموقع استراتيجي للتوسع نحو الشرق، وكانت شاهدة على إعدام رومانوف على أيدي البلاشقة بعد انحلال الاتحاد السوفيتي، وعلى مدار العقد الماضي، كانت مركزًا لوباء الأفيون الاصطناعي المسمى بـ “كروكودل”، لكن كل شيء تغير بعد وصول بوتين إلى السلطة عام 1999، فقد تراجع دورها وأهميتها بسبب معاداة سكانها وعمدتها للنظام الحاكم.


اليهودي الخائن



في كل مرة تقرأ فيها مقالاً أو تقريرًا عن روسيا والمونديال في إحدى الصحف الإنجليزية، ستلاحظ حجم تأثر الكتاب الإنجليز بخسارة بلادهم لحق تنظيم هذه النسخة من المونديال قبل عدة أعوام حتى قبل انطلاق البطولة بعدة أيام.


بمنتصف العام الماضي أثيرت على صفحات الصحف البريطانية والأميركية قضية تناول لاعبي المنتخب الروسي الأول للمنشطات قبل المشاركة في كأس أمم أوروبا 2016، الأمر الذي أثار لغطًا واسعًا داخل أروقة الفيفا خلال بطولة كأس القارات 2017 التي استضافتها أربع مدن روسية «موسكو وبطرسبيرج وسوتشي وكازان»، ليفتح باب التحقيق، والذي أثبت سلامة موقف الروس وأثبت كذب تلك الإدعاءات.


الروس سَخروا آنذاك بقولهم «لو كان منتخبنا يتناول المنشطات حقًا، لماذا وَدع بكل سهولة من الدور الأول ليورو 2016 ثم من الدور الأول لكأس القارات الذي استضفناه»؟. وهم على حق في ذلك، فلم يتميز ولو لاعب واحد من منتخبهم، باستثناء ربما المهاجم السريع سيمولوف.



وعلى مدار الأيام الأخيرة من التحضير للمونديال هذا الشهر، ظهرت تقارير من نوع آخر حول عدم تحمل روسيا لتبعات الانفاق ببذخ على التحضير للبطولة، وأن الأرباح المتوقعة أقل بكثير من حجم الانفاق، ما سيؤثر سلبًا على الجو العام أثناء المسابقة، وقد تندلع مظاهرات في الشوارع المحيطة بالملاعب بالضبط مثلما حدث في البرازيل بمونديال 2014.


واُستخدم موضوع استقالة عمدة مدينة إيكاترينبرج “يفجيني رويزمان” نهاية الشهر الماضي كدلالة على أن ممثلي الأقاليم والمدن أنفسهم ضد المشروع لاستنزافه الكثير من الأموال.


لكن استقالة يفجيني رويزمان لم تكن لها أي علاقة بكأس العالم أو بالاقتصاد حسب آراء الشعب الروسي، والصحف الإنجليزية حاولت فقط تضليل القراء عن حقيقة الخلافات السياسية بينه وبين بوتين، فيما يتعلق بإدارة الملفات الداخلية والخارجية، وتضارب أفكارهما، حيث يتبنى يفجيني الفكر الليبرالي.


ويقول سيرجي أرميسكوف (مدون روسي) لـ البطولة «يفجيني تحدث عن المصاريف الباهظة على منشآت المونديال لمحاولة تضليل الرأي العام ووسائل الإعلام الخارجية بأن هناك مشاكل بسبب البطولة، وإن الشعب الروسي ثائر وغاضب من الكيفية التي يُدير بها بوتين البلاد. الحقيقة غير ذلك، توجد العديد من المشاكل السياسية والإدارية بينهما وهي ما تسببت في استقالته قبل موعد انتهاء فترة عمادته للمدينة بثلاثة أشهر وفي هذا الوقت الحساس من السنة».


إلى ذلك، لم يكن يفجيني يفوت أي فرصة على مدار فترة عمله لتحريض سكان إيكاترينبرج ضد بوتين، خصوصًا بعد الانتخابات الرئاسية قبل شهرين، لأهدافه السياسية الخاصة، وليس لخوفه على مصالح الشعب أو لقلقه على تأثرهم الاقتصادي جراء تنظيم المونديال - كما أشار المدون -.


وتظاهر الآلاف في إيكاترينبرج بتحريض من يفجيني ضد تنصيب بوتين لولاية رئاسية جديدة، تمامًا كما فعلوا عندما تحركت الحكومة لطرده من منصبه كعمدة المدينة حيث كان آخر عمدة أنتخب بشكل مستقبل في البلاد.



ويوم الخامس من مايو الماضي انضم حوالي خمسة آلاف من سكان المدينة إليه في مسيرة غير مصرح بها بشكل قانوني، كجزء من الاحتجاجات الوطنية ضد بوتين، رغم أن باقي المدن كانت هادئة تمامًا ولم تشهد احتجاجات وطنية كما ادعت الصحف البريطانية.


وبرر يفجيني استقالته نهاية الشهر الماضي قائلاً «أنفق حتى الآن مبلغ 11 مليار دولار على استضافة كأس العالم، وهو مبلغ كان يمكن استخدامه في أمور أهم من ذلك في شبه جزيرة القرم ولحل عدد من المشاكل الاقتصادية الداخلية».


وأضاف «هناك نقص كبير في تمويل كل شيء في روسيا، خاصةً في المستشفيات والطرق والبنى التحتية للإسكان، ولا يمكنك أن تحافظ على كأس العالم وتبقى في سوريا، أنت تود فعل كل شيء في نفس الوقت».


وينظر الشارع الروسي المؤيد لفلاديمير بوتين إلى مشاريع بناء الملاعب وتوسيع الطرقات وترميم المباني الأثرية، وتطوير وسائل المواصلات من أجل المونديال بنظرة إيجابية، ويعتبرون يفجيني خائنًا لبوتين بسبب توقيت استقالته، فقد كان عليه مساندته قبل المونديال بأيام كما فعل..



نراكم غدًا في الحلقة الثانية.. في شارع روسيا..

للتواصل مع الكاتب "محمود ماهر" : m.maher@elbotola.com

وللتواصل عبر تويتر: https://twitter.com/mahmudmaher

وللتواصل عبر انستاجرام: https://www.instagram.com/mahmoud.maheer/



عرض المحتوى حسب: